اللاذقية-سانا
تشتهر مدينة جبلة بغناها بالآثار التي تعود لحقب تاريخية متنوعة وتحمل تلالها الأثرية أسرارا لم ترو قصتها الكاملة بعد لكنها أضاءت على النهضة المعمارية التي عرفتها مناطق سورية المختلفة وذلك في منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد.
يعتبر تل التويني مركز مدينة جبلة القديمة واحدا من أهم التلال المكتشفة في سهل جبلة وترجع أهميته حسب الدكتور مسعود بدوي رئيس دائرة آثار جبلة ورئيس شعبة التنقيب وقسم الحفريات في الدائرة في إلقاء الضوء على العصور الاثرية التي مرت على هذه المنطقة ولا سيما عصري البرونز والحديد.
وأوضح بدوي أن التل يقع على بعد 7ر1 كم شمال شرق مدينة جبلة وشكل منذ بداية القرن العشرين محط انظار الباحثين لذلك توالت عليه البعثات التنقيبية لافتا إلى أن التل يبعد نحو 1600 م عن شاطئء البحر ويحيط بالموقع العديد من المجاري المائية التي تصب في البحر المتوسط كنهر الرميلة في الجهة الشمالية ونهر الفوار في الجهة الجنوبية.
وبين أن التل له مسقط أجاصي رأسه يقع في الجهة الغربية تبلغ مساحته 6ر11 هكتارا ويرتفع 26م عن سطح البحر وعن السهل المحيط به من 15 حتى 20 م.
وأشار بدوي إلى أن الأعمال التنقيبية التي جرت في الموقع منذ العام 1999 والتي قامت بها بعثة أثرية مشتركة سورية بلجيكية واستمرت حتى عام 2010 ثم تابعت العمل بعثة أثرية سورية أسفرت في الكشف عن العديد من الأحياء السكنية والمنشآت المعمارية التي تعود بشكل أساسي إلى عصري البرونز والحديد وبشكل جزئي للعصور الكلاسيكية والعصر البيزنطي تم التعرف من خلالها على العديد من المعلومات عن طبيعة التطور الحضاري والاقتصادي للموقع خلال هذه العصور.
ومن أهم المكتشفات الأثرية بحسب بدوي في الموقع مدفنان جماعيان يؤرخان لعصر البرونز الوسيط النصف الأول من الألف الثاني ق. م الأول مبني بحجارة غير مشذبة متوضع تحت أرضية سكنية وجدت داخله بقايا 58 هيكلاً عظمياً إنسانيا.ً
وتألف الأثاث الجنائزي من العديد من الأواني الفخارية (أباريق – صحون- طاسات – سرج) حفظت بشكل كامل وتميزت بعض الأباريق منها باللون الأحمر أو الأسود الملمع وأباريق ملونة مستوردة من قبرص وميسينيا والعديد من الدبابيس البرونزية بالإضافة إلى دمية لعشتار مصنوعة من الفريت.
وذكر رئيس دائرة آثار جبلة أن المدفن الثاني ضم هيكلين عظميين وجدا داخل مخزن مبني من الحجر الغير المشذب مع أثاث جنائزي بسيط تألف بشكل أساسي من بلطة متطاولة من البرونز وإبريق كبير ثنائي اللون.
كما كشف عن سوية عصر البرونز الحديث النصف الثاني من الألف الثاني ق.م التي تضمنت العديد من الأبنية السكنية حفظت أرضيات بعض غرفها بشكل جيد وكانت مجهزة بشبكة تصريف للمياه وعلى مشغل للحياكة في الأقسام الجنوبية الغربية من التل.
وخلال العصور الكلاسيكية كما ذكر بدوي انحسر السكن في التل ليتوضع بشكل رئيسي في مدينة جبلة التي عرفت فترة ازدهار خلال العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية والعربية الإسلامية فقد هجر التل بشكل كامل باستثناء بعض النشاطات الزراعية لكي يعود له النشاط في العصر البيزنطي وبشكل بسيط من خلال بعض المزارع والمنشآت الصناعية التي كانت تنتشر بشكل متقطع على سطح التل.
صفاء علي