الشريط الإخباري

بين الحاجة والحق الطبيعي… ارتفاع نسبة الفتيات العاملات في الحسكة

الحسكة-سانا

حتى فترة قريبة نسبيا كان عمل المرأة في محافظة الحسكة ينحصر في الوظيفة العامة أو العمل المنزلي أو العمل في الأرض لكن اليوم العديد من المهن باتت تعتمد على الفتيات اللواتي أقبلن على العمل في القطاع الخاص لدوافع عديدة فرضتها سنوات الحرب الطويلة.

أمينة البالغة 27 عاما تعمل في محل لبيع أجهزة الخلوي ولا ترى حرجا في وجودها في السوق فالعمل “شرف” على حد وصفها.

مراسل سانا في الحسكة التقى أمينة وسألها عن طبيعة العمل وظروفه والدوافع التي جعلتها تعمل هنا فقالت “أنا هنا لمساعدة أهلي فالظروف الاقتصادية صعبة للغاية” مضيفة “الأمر طبيعي بالنسبة لي ولكل من حولي وأنجز العمل المطلوب مني في جو من الاحترام المتبادل مع صاحب المحل والزبائن ولا أجد أي صعوبة في العمل”.

راوية البالغة 22 عاما هي الأخرى تعمل في السوق الرئيسي للحسكة وتقول عن تجربتها “الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية أسهمت بتراجع الوضع الاقتصادي لكثير من العائلات ومنها عائلتي وهذا ما دفعني للعمل… فمصدر واحد للدخل لم يعد كافيا للأسرة.. قبل الحرب لم تكن الفتاة بحاجة إلى العمل فهي متفرغة لدراستها أو أعمال المنزل واليوم هي مضطرة بشكل أو بآخر للدراسة والعمل إن استطاعت أو للعمل فقط”.

نسرين 25 تعمل أيضا في أحد المحلات قالت لـ سانا: “أصبح من السهل إيجاد فرصة عمل للفتاة في الأسواق والمحلات التجارية وأغلبية أصحاب المحلات التجارية يفضلون عمل الفتاة لناحية الاستمرار فالشباب أغلبيتهم انخرطوا في الحرب والدفاع عن سورية”.

وبعيدا عن الجانب الاقتصادي والمردود المالي تؤكد عدد من الفتيات أن العمل حق من حقوقهن بغض النظر إن كانت الفتاة بحاجة أم لا والأغلبية منهن يفضلن البحث عن عمل ثابت كالعمل في المنظمات أو الاشتراك في المشاريع التي تنفذها هذه المنظمات في المجالين الإنساني والإغاثي ولكن يبقى الأفضل برأيهن أن يحصلن على وظيفة دائمة في المؤسسات والدوائر الحكومية.

فادي خليل صاحب محل لصناعة وبيع الحلويات يرى أن عمل الفتاة أفضل من عمل الشباب لناحية الديمومة والاستمرار في العمل ويمكن الاعتماد عليهن أكثر ولا سيما في الأعمال اليدوية التي لا تحتاج لجهد عضلي كبير فالحسابات وتجهيز الطلبات وأعمال النظافة وبيع الأجهزة ومحلات بيع الحلويات وأعمال الخياطة والتزيين كلها أعمال من الممكن الاعتماد على الفتاة فيها.

أما مصعب الذي كتب على واجهة محله التجاري (بحاجة إلى آنسة للعمل) فيشير إلى أنه جرب الكثير من الشباب للعمل ولكن لأسباب خارجة عن إرادتهم ينقطعون فجأة عن العمل وهذا لا يناسب الأعمال التجارية المستمرة كما أن بعض الأعمال تحتاج إلى تشغيل فتاة حصرا.

وعلق الباحث الاجتماعي علي اسكان على الظاهرة قائلا: “الأزمة الناتجة عن الحرب الإرهابية زادت الأعباء الاقتصادية وظهرت الحاجة إلى العمل لكل أفراد الأسرة ولا سيما العائلات الوافدة من المحافظات الأخرى كما أن الظاهرة تعود إلى زيادة الفجوة العددية بين الذكور والإناث لصالح الإناث لأسباب عدة منها الهجرة والالتحاق بخدمة العلم”.

ولفت اسكان إلى أن عمل الفتاة ليس جديدا ولكنه بدأ ينمو ويزداد خلال السنوات الثلاث الفائتة من عمر الأزمة داعيا الجهات المعنية إلى تفعيل الرقابة على المحلات لضمان حقوق الفتيات العاملات ولا سيما أن هناك استغلالا لحاجة الأسر للعمل ما يدفع البعض لتشغيلهن بأسعار بخسة خاصة في المشاغل والمعامل.

جوان حزام