درعا-سانا
تستوقف الزائر في موقع قريب من مدينة الشيخ مسكين بمحافظة درعا لافتة سياحية مكتوب عليها ” أقصدوا الف باء الفن المعماري الكنسي” والمقصود كنيسة القديس جورجيوس للروم الأرثوذكس القائمة في مدينة أزرع .
وبنيت الكنيسة حسب بعض الكتاب والباحثين ومنهم فهمية النصرالله فوق اساسات معبد وثني للآلهة ثياندريت التي كانت تعبد بشكل واسع في جميع أرجاء حوران في أواخر عام 515 ميلادي أو بداية 516 ميلادي وفقا لتقويم بصرى السائد آنذاك.
وبناء الكنيسة قائم حتى الان ويبين كيفية انتقال الكنائس من الطراز البازليكي المستطيل إلى الشكل المربع الذي تعلوه قبة من الحجر القائمة على قاعدة مثمنة بيد أن التغيير الوحيد الذي أصابها نتج عن الحروب التي خربت جزءا من قبتها بحسب المصادر التاريخية في أعقاب حملة ابراهيم باشا وقد رممت في عهد البطريرك غريغوريوس حداد الذي دشنها بنفسه ضمن احتفال مهيب سنة 1911 ميلادية.
رئيس دائرة آثار درعا الدكتور محمد خير النصرالله قال في تصريح لنشرة سانا ” سياحة ومجتمع ” أن الكنيسة بنيت بكاملها من حجر البازلت الحوراني المنحوت بدقة متناهية مبينا أن شكلها الخارجي مربع في الضلع الشرقي منها يبرز منه شكل شبه منحرف يتضمن حنية الهيكل ويلاحظ داخل الكنيسة شكل مثمن يتوزع امام كل ضلع من اضلاعه الثمانية عضادة ضخمة ذات شكل فريد تتألف الواحدة منها من عدة أضلاع متداخلة منكسرة ومنحنية وتحمل هذه العضادات فوقها كتلتي القناطر والسقف وكتلة القبة.
وأضاف أنه يوجد في كل زاوية من الزوايا الرئيسية الأربع من الداخل حنية على شكل غرفة نصف دائرية يحد كلا منها وفوق قطرها المنفتح على جسم البناء الداخلي قنطرة جميلة تعلوها نافذة مقوسة.
وأشار إلى أن الكنيسة تنقسم إلى الهيكل والسقف والقبة والبوابات وأن الهيكل يتميز بمكوناته الفخمة وموقعه في الضلع الشرقي من الكنيسة ويتألف من عدة أقسام متصلة ببعضها البعض كالمذبح الذي هو عبارة عن عتبة حجرية محاطة بقناة منحوتة يستعمل كمكان لنحر الضحايا والذبائح المقدمة.
وأضاف “أن السقف يعد واحداً من أجمل السقوف المعروفة نظرا لدقة الهندسة في رصف معظم العناصر المشكلة له حيث يعتمد هذا الطراز على رصف “مداميك” حجرية طويلة يرتكز طرف كل مدماك على حافة القنطرة والطرف الاخر على الجدار الجانبي ثم يصار إلى رصف سقف اخر بحجم اصغر من السقف الاول و باتجاه معاكس بهدف التقوية والمتانة.
اما قبة الكنيسة فكانت مبنية من الحجر لكنها انهارت واستعيض عنها بواحدة مصنوعة من الخشب المغطى من الخارج بطبقة معدنية ترتفع عن سطح الأرض أكثر من 15 مترا وترتكز على رقبة دائرية الشكل .
وبين النصرالله أن للكنيسة ثلاث بوابات هي جنوبية وشمالية متطابقتا الشكل والمضمون وغربية أفخم حجما لكونها تتالف من باب كبير يعلوه ساكف حجري آية في الروعة والجمال.
وتحد طرفي الساكف دائرتان تحويان رسم الصليب ويتدلى من كل واحدة منهما قطوف العنب وهذه العناصر موجودة ضمن اطار نحتي نافر بشدة.
والكنيسة تحتوي ايضا كتابة يونانية مسيحية موجودة على مذبح صغير وكتابة أخرى على حجر في رواق خارجي يحيط بالقبة.
ويورد الأب متري هاي اثناسيو في كتابه سورية المسيحية في الالف الاول الميلادي أنه عثر في احدى آبار كنيسة مار جورجيوس على آلة يدوية من البرونز كانت تستخدم لختم القربان الطرف الأعلى منها يشبه قرن الكبش ويوجد في طرفها الاسفل طابعة ذات شكل مستطيل نقشت عليها كتابة يونانية مسيحية.
وتقع كنيسة مار جورجيوس في مدينة ازرع وتبعد عن مدينة درعا نحو 35 كيلومترا .