الشريط الإخباري

إن لم تستحِ..!!-الثورة

 

مقالات مختارة>>إن لم تستحِ..!!-الثورة

[ تعديل | [ حذف ]

21 حزيران , 2014

 
قالوا إن لم تستحِ فافعل ما شئت، ونقول إن عشت في عالم يفتقد الحدّ الأدنى من المنطق، فعليك أن تتوقع كل شيء، إلا أن تترشح «إسرائيل» إلى نائب رئيس لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، وأن تكون «داعش» حركة ثورية و«الوهابية» تنويرية، و«النصرة» بجبهتها وقاعدتها جزءاً من الحراك الثوري!! المدعوم من مشيخات الخليج، وأن تتحوّل السعودية إلى قدوة في مكافحة الإرهاب!!.‏

بهذا القدر من الاستهزاء بالعقل البشري تتنطّح السعودية للحديث عن تاريخها «الحافل» في العلاقة مع الإرهاب، وبهذا المستوى من النفاق غير المسبوق تتجرّأ أوروبا الغربية ومن لفّ لفّها أن تطرح ممثلاً إسرائيلياً ليصبح عضواً في لجنة قامت أساساً بسبب وجود الاحتلال الإسرائيلي كشكل من أشكال الاستعمار الإحلالي، بل الأكثر سوءاً في تاريخ البشرية، حديثه وقديمه.‏

على هذه القاعدة يصبح كل ما يجري في المنطقة والعالم من بوابة اللامنطق، حين تتحوّل الشعارات إلى مطيّة لتنفيذ الأطماع، وتصبح مكافحة الإرهاب شمّاعة للنيل من الدول والشعوب الرافضة لمنطق تلك الأطماع، وتغدو التنظيمات الإرهابية وسيلة الغرب لإعادة تشكيل الخرائط الجديدة بعد أن بَطُلَ ما قام منها، وبعد أن عجزت عن تشكيلها بالقتل والخراب والدمار والعدوان.‏

لا أحد بمقدوره أن يفصل بين ما يجري في المنطقة من سُعار إرهابي بالتوازي مع سُعار في دعمه إقليمياً ودولياً، وبين حالة الاستلاب التي تمارسها الدول الغربية بهذا الشكل الاستباحي لكل المعايير والأسس الأممية والقانون الدولي ومجرياته، قريبها وبعيدها.‏

في الحسابات الجزئية تجد الدول الأوروبية في محاصرة المنطقة سياسياً ودبلوماسياً ممراً إجبارياً للاستمرار في الهيمنة، وفي عودة الأطماع بحلّتها الجديدة التي تستحضر أحياناً نماذجها التقليدية البائدة، بدءاً من الاحتلال المباشر وليس انتهاء بمحاولة السيطرة والتقسيم على الأسس التي زرعتها العقلية الاستعمارية، التي تعيد تجميع أوراقها على المنابر الدولية من أجل مزيد من الاستخفاف بعقول الشعوب في المنطقة والعالم.‏

أما في المعادلات الاستراتيجية فالقراءة مختلفة، بل متباينة إلى حدّ التناقض مع ما يستعر في الجانب الغربي من مطارح تنفيذية للولوج إلى المنطقة، ولتكون الشاهد الدائم على إعادة تقسيمها وفق خرائط لا تكتفي باستبدال «سايكس بيكو»، بل بتحقيق ما عجزت عن فعله حينها، خصوصاً أنه يترافق بانزياح فكري متوافق مع ما تطرحه «البروباغندا» الغربية على نار الفتن المذهبية والطائفية والإثنية، لنسف كل ما راكمته سنوات الاستقلال الوطني وما اقتضته ظروف العمل السياسي في مراحل التنشئة الذاتية لشعوب المنطقة.‏

وما يجري من إضافات استراتيجية في التحوّل لا يكتفي بنسف ما هو قائم وإعادة تركيبه مع مستجدّات الأطماع الاستعمارية في المنطقة، بل يدفع نحو حالة من الغثيان السياسي والهذيان في قراءة التحوّلات التي كانت ولا تزال فيها الدول الوظيفية رأس الحربة ، والتي قامت بتحوير في خصائص الوجود لتتوافق مع الخرائط الجديدة على قاعدة الاستبدال بين أجندة الاحتلال بأجندات الاستخدام المفرط للتنظيمات الإرهابية، تكون فيها السعودية وقَطَر وتركيا بيادق الدفع الذاتي نحو الانتحار الكلي للمنطقة والعالم بعبوات التطرف والإرهاب.‏

آخر الفجائع السياسية في مشهد الانزياح اللاعقلاني للمنطق لم تعد في الغرب الذي نافق واستفزّ وحرّض واحتضن الإرهاب، ولا في مشيخات باتت مفرخة حقيقية للتطرّف والظلامية والإرهاب المُعلن بعد أن ظل مسكوتاً عنه لعقود خَلَت، بل في أن يستدرج خطاب بني سعود المنطق الغربي المقلوب، فيتحدث عن بطولاته في مكافحة الإرهاب ومقاومته، ليكون النموذج !!‏

قالوا مجنون يحكي وعاقل يسمع، فكيف إذا بات العالم يُدار من منافقين ومهووسين وصبيان سياسة ومرتزقة دم ومستغليّ إرادة الشعوب وقادة قتل وإجرام من الغرب إلى الأعراب مروراً بـ «إسرائيل» التي تكافح الاستعمار، وليس انتهاء بـ بان كي مون الذي ينظر بالفشل؟!‏

بقلم: علي قاسم