المصور الوثائقي وانيسيان لـ سانا: لا أستطيع البقاء مكتوف الأيدي وهناك من يضحي بنفسه كي نعيش بكرامة

نيويورك-سانا

التصوير الضوئي بالنسبة له توثيق وفن لكنه اليوم قصة وطن أراد أن ينقلها للعالم وما بين اللونين الأبيض والأسود صور لحكايا الألم والصمود بعدسة المصور السوري الوثائقي هاكوب وانيسيان.

“أيد بريئة وإطارات والصورة الأخيرة” سلسلة لقطات بالأبيض والأسود للمصور وانيسيان توثق ما تتعرض له سورية وشعبها من إرهاب وتدمير تفوقت مؤخرا على 14 ألف صورة بعدسة أكثر من 165 مشاركا من أنحاء العالم في مسابقة هيئة التصوير الدولية وحصدت جوائز الشرف الثلاث الأولى.

ابن مدينة حلب ترك مهنة “صياغة الفضيات” في مسقط رأسه ليشده شغفه بتوثيق اللحظة الى عالم الصورة فوجد نفسه مع بداية الحرب على سورية مشدودا إلى قصة الإنسان السوري بكل تفاصيلها “لحظات الألم والصمود والأمل” لتسيطر على معارضه التي شارك فيها داخل سورية وخارجها.

ومسيرة وانيسيان إلى الآن تحفل بأكثر من تسع جوائز عالمية في مجال التصوير الضوئي حصدها خلال العامين الماضيين إضافة إلى إقامته العديد من المعارض داخل سورية وخارجها ومنها معرض الصور الضوئية “موطني” الذي أقامه بالتعاون مع البعثة السورية الدائمة في الأمم المتحدة بمبنى المنظمة الدولية في نيويورك بهدف توثيق آثار الإرهاب على مدينة حلب.

هدف وانيسيان التوثيقي إيصال الواقع كما هو لعين الناظر سواء كان مؤلما أو مفرحا والمميز بهذه الصور بالنسبة له كما يقول في حديث خاص لـ سانا: “من المؤسف أن موضوع صوري ومكانها وإنسانها هو الحرب في بلادي فالمكان وطني وهو أغلى شيء لدي والناس هم أحبائي وأصدقائي الذين فقدتهم والشعب الذي عانى كثيرا من ويلات الحرب الكونية التي شنت على سورية وهي تؤلمني كثيرا”.

وعبر وانيسيان عن حزنه لفقد أصدقائه وتحديدا من أبطال الجيش العربي السوري الذين بحسب تعبيره أمضى وتنقل معهم أكثر من عامين ونيف فمنهم من استشهد خلال وجوده في سورية ومنهم بعد سفره خارج الوطن.

جميع الصور التي يلتقطها وانيسيان مميزة ومفضلة له لكن احيانا كما يقول “هناك بعض الصور تكون أقوى ومعبرة أكثر” مضيفا: “عند التقاط الصورة أنعزل كليا وأتجاهل ما وراء الكاميرا وأركز على الصورة التي سألتقطها لتكون بزاويتها الصحيحة والمعبرة”.

ويوضح وانيسيان سبب تركيزه على صور الأطفال قائلا: “التركيز على الأطفال لا بد منه لأنهم المستقبل وأثناء الحروب تنتهك حقوقهم على نطاق واسع ويمكن أن يفقدوا ثقتهم بأنفسهم وبالآخرين وبالمستقبل فخلال الحروب تمزق المجتمعات ولا تعود قادرة على توفير بيئة آمنة للأطفال وتتضرر مدارسهم وملاعبهم وبعضهم يفقد ذويه”.

وعن نيله جوائز هيئة التصوير الدولية يقول وانيسيان” “لأكون صريحا توقعت أن أنال جائزة ولكن لم أتوقع أن أفوز بثلاث جوائز لثلاث صور من “اي بي اي” 2017 وجائزتين أخرى من جوائز موسكو انترناشيونال فوتوغرافي أيضا 2017″.

اللونان الأبيض والأسود أساسيان في صور وانيسيان وعن ذلك يقول: “معظم صوري بهذين اللونين لأنني أفضل التقاط ما بداخل الإنسان وليس لباسه أو ما يدور حوله وتلك الصور استخدم فيها تقنية فيلم النيغاتيف بالأبيض والأسود وليس كاميرا ديجيتال لكن هذا لا يعني أني لا ألتقط الصور الملونة”.

وتابع وانيسيان حديثه عن معارضه القادمة: “عملي مستمر ولدي المزيد من الصور والتوثيق ومزيد من المعارض هذا واجبي تجاه وطني لكي يرى العالم حقيقة ما يجري في سورية ولا أستطيع أن أبقى مكتوف الأيدي وأعرف بأن كل دقيقة هنالك من يضحي بنفسه كي يعيش السوريون بكرامة”.

وختم وانيسيان حديثه بالقول: “التصوير الضوئي بالنسبة لي توثيق وفن بعد الحرب أتمنى أن نسمع صوتنا كسوريين للعالم في جميع مجالات الفن والثقافة والرياضة وخاصة أن الإعلام ومهنة الصحافة يحظيان بأهمية كبيرة في الغرب حيث أسسوا امبراطوريات في الإعلام أما باقي الفعاليات الاجتماعية والثقافية والرياضية فتدور في فلك الإعلام”.

يذكر أن المصور الوثائقي هاكوب وانيسيان من مواليد حلب عام 1970 تخرج من الثانوية السورية الخاصة عام 1988 وعمل في صياغة الفضيات وبدأ التصوير التوثيقي عام 1999 وأقام عدة معارض في حلب ودمشق وفي موسكو وسانت بطرسبورغ بمتحف هيرميتاج وآخرها كان معرض “حلب… حضارة ورماد” بدار الأسد للثقافة والفنون عام 2014 وضم أكثر من 50 صورة ضوئية تعكس واقع الحياة في مدينة حلب باللونين الأبيض والأسود.

كما تلقى وانيسيان خلال عام 2017 جائزة الشرف في مسابقة موسكو الدولية للتصوير الفوتوغرافي “ام آي اف ايه” في فئة التحرير والصراع عن صورة بعنوان “التصميم على البقاء” وفي فئة الناس والأطفال عن صورة بعنوان “تقليد”.

رشا محفوض