الشريط الإخباري

الفنان التشكيلي يوسف بدران ينتمي إلى مدرسة الوطنية قبل مدرسة الفن التجريدي

اللاذقية-سانا

تعكس أعمال الفنان التشكيلي يوسف بدران عمق خبرته السبعينية فهي مزيج من خيوط متداخلة بين المساحات الهندسية تنحو إلى التجريد لاقتناص اللحظة التاريخية وتتجسد بلوحة جدارية أوسقفية بديعة مزهوة بألوان التراث .

ويتحدث بدران لـ سانا الثقافية بتجرد وبساطة بالغين يعكسان طبيعته الإنسانية عن قيمة الفنون وعلاقتها بالماضي والحاضر لاستحضار التراث ومشاركته في صنع المستقبل قائلاً: “أعيد صياغة أفكاري المشتتة بلوحة وأنزح بعيداً عن ألم الأيام بألوانها الزاهية وأستهدف بها أحلام الشباب ثم أقوم بشحنها لتغدو وردية وأنفض عنها غبار الزمن.”

ويتمنى بدران في كل لوحة أن يخط فكرة تضاف إلى الأحرف الأبجدية في الثقافة وينفذ إلى قلوب جمهوره بألوانه عبر الورود والرياحين والطيور بتنوعها وألوانها المتداخلة وبقدر ابتسامة الأطفال تكون قيمة اللوحة لديه فقيم الأشياء تتبدى في القدرة على التأثير والأطفال أصدق الناس سواء ضحكوا أو بكوا.

أحب بدران البيوت الدمشقية القديمة وفن العمارة التراثي وقرر أن يجسد أبعاده في لوحاته التي استعار ألوانها من الطبيعة بشفافية ودقة وفي كل زاوية من زوايا البيت السوري وضع بدران حجر أساس ومهد لأنماط قديمة في مخاض لولادة طبيعية من رحم التاريخ ليغدو كل عمل فني ينجزه طفلاً يترعرع في حضن الحاضر فالفنان برأيه لا ينفصل عن الماضي وعليه أن يعيد صياغة التراث هذه رسالته وعليه أن ينقلها بأمانة وإتقان وإلا سيفقد فنه الديمومة والقدرة على التغيير والتجديد .

والفن عند بدران أهم من الطعام والشراب فهو يفضل أن يشتري أدواته الفنية قبل أن يشتري طعامه وجغرافيا المكان وهدوءه أو صخبه مسائل مهمة لإنجاح الأعمال الفنية بعد أن تضع الموهبة فكرتها .

ويتابع بدران: “توجهت للزخرفة وابتعدت عن رسم الوجوه فأنا أحب رسم الأشياء على حقيقتها دون أقنعة والزخرفة حركة تجريدية تنسجم مع مدرسة الفن التجريدي وهي ذات علاقة وثيقة مع أنماط التاريخ والتراث فهناك النمط العثماني والمملوكي في الزخرفة وهو نمط الورود والرياحين والأشكال الهندسية المتتالية كما أن النمط الفارسي شريك أساسي عبر إدخال الغزلان والببغاوات والطيور في لوحاتي.”

وينسجم إنتاج بدران وتوجهه الفني مع سلوكه وطبيعته التي تتسم بالصراحة والوضوح فقد ترك الزمن والتجربة أثراً كبيراً على توجهاته وإنتاجه الذي يعتبر مزيجاً من بساطة القرية وتعقيدات المدينة حيث ترعرع في البيوت الدمشقية وتنقل بين حماماتها القديمة وعشقها فحفرت في ذاكرته الفنية قيماً تاريخية جسدها في لوحاته .

ويرى الفنان بدران أن أنماط فن العمارة الموجودة في سورية هي من التنوع بما يكفي العالم بأسره فالنمط المعماري القديم في حماة لا يشبه الأنماط المتبعة في حلب ولا دمشق وجميعها تتشارك في صنع التراث السوري المتجذر مؤكداً أن الحفاظ عليه مسألة وطنية هدفها الحفاظ على الهوية السورية فالإرهاب اليوم يستهدف هذه البنى التاريخية التي كان يقصدها السياح من أطراف الأرض.

ومن هذا المنطلق يشجع بدران الفن الكلاسيكي في الرسم ويضيف إليه حساً لونياً يجعله شريكا في الفن التشكيلي متناميا مع التغيير والاستمرار.

وقرر يوسف بدران المولود في ريف اللاذقية عام 1946 أن يضع أحزانه جانباً ويفرح العالم بابتسامة تعكسها ألوان لوحاته ,عمل خبيراً مشرفاً على أعمال ترميم بيوت وقصور دمشقية مع فريق دأب على تدريبه وتعليمه أعمال الزخرفة الهندسية والنباتية كما ساهم في إنجاز قاعة العرش في قلعة حلب وإعادة زخرفة أسقف قاعة الذهب في متحف حماة القديم وتصميم مدخل متحف حماة الجديد وجامع العثمان وسدة حرمه بدمشق عدا عن مشاركاته في ترميم الجامع المغربي باللاذقية وأقام معارض فنية وصلت من خلالها لوحاته إلى أطراف العالم أهمها معرض بعنوان “رؤية جديدة في الزخرفة الهندسية والنباتية” في دمشق ما يجعله فناناً متميزاً ينتمي إلى مدرسة الوطنية قبل مدرسة الفن التجريدي.

صبا العلي

انظر ايضاً

التكوين والتجريد في معرض للتشكيلي السوري بشير بشير