الحرب أولاً.. لا أميركا! بقلم أحمد ضوا

يواجه العالم تهديدين خطرين، الأول: السياسة الأميركية الرعناء في التعامل مع الدول والأزمات التي تعصف بعالمنا اليوم، والتي تتحمل الولايات المتحدة والغرب الجزء الأكبر من نشوئها. والثاني: تنامي وتمدد التنظيمات الإرهابية على مستوى القارات الخمس.

في الخطر الأول تعكس تهديدات إدارة ترامب بالعمل العسكري في كوريا الديمقراطية وفنزويلا، إضافة إلى اختيار هذه الإدارة سلوكاً دبلوماسياً متعجرفاً بعيداً عن منطق التعاون والمصالح المشتركة الواقع المأزوم سياسياً واقتصادياً للولايات المتحدة، وغياب الرؤية الثاقبة لدى إدارة ترامب في إيجاد مخرج لتدهور الأوضاع السياسية والداخلية على المستوى الأميركي بين القوى الفاعلة والمؤثرة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وأيضاً بين القوى الاقتصادية المتصارعة على توجيه السياسات الأميركية، بما يلبي أهداف شركاتها داخل وخارج الولايات المتحدة.‏

هذه السياسة المفتقدة للحنكة أدت إلى وصول العلاقات الأميركية الروسية إلى وضع «صعب جداً»، وتوتر في العلاقات الصينية الأميركية، وكذلك مع عدد من الدول الغربية، وفي أميركا اللاتينية، وهذا في حد ذاته مؤشر خطر إلى احتمال نشوء تهديد حقيقي للأمن والسلم الدوليين.‏

الملاحظ أن إدارة ترامب تحاول صرف الأنظار عن قلة حيلتها في التعامل مع روسيا الاتحادية والصين إلى اشتباكاتها السياسية مع دول لا يمكن مقارنة قوتها العسكرية والاقتصادية والبشرية مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يُفسَر بعجز الولايات المتحدة عن مواجهة القوى الكبرى، ومن ثم ذهابها إلى خيارين؛ الأول: وضع العالم أمام حرب عالمية ثالثة، والثاني: القبول صاغرة بوجود مشاركين حقيقيين في إدارة هذا العالم، وتوجيه كفة سياساته بما يعود بالفائدة على الجميع.‏

التحليل المنطقي لسياسة وتصرفات إدارة ترامب تقول: إنها ذاهبة إلى صدام عسكري محدود لم تحسم جبهته بعد، ولن تحسم نتائجه في وقت قصير، ومن ثم لن يشكل مخرجاً للمأزق الأميركي.‏

من الواضح أن واشنطن تبحث عن جبهة، والمشكلة أن الجبهات التي فتحتها تشمل العالم كله من غربه إلى شرقه، ولذلك يبدو الارتباك الأميركي سيد الموقف في ترتيب سلم الأولويات، وفقاً للمعطيات والتحديات والعقبات التي تتراكم على نحو كبير أمام الولايات المتحدة.‏

وبالنسبة للخطر الثاني على العالم وهو الإرهاب؛ الأداة التي استخدمتها واشنطن في آسيا بشكل كبير، وأصبح اليوم يشكل تهديداً خطراً للجميع؛ مكافحيه وداعميه باعتماده أساليب وسلوكيات إجرامية، سخَّرت التطور الكبير في عالم الاتصال والإعلام للنفوذ إلى كل المجتمعات وبأدوات بسيطة ولكنها قاتلة ومرعبة للشعوب.‏

لا شك في أن غياب الإرادة الغربية بالقيادة الأميركية عن التعاون مع الدول الفاعلة في مكافحة الإرهاب يسهم في انتشاره السريع في مجتمعات لم تُصَبْ سابقاً بوبائه، وهذا يشكل خطراً كبيراً على الأمن والسلم الدوليين، ويكوِّن حالة من عدم الثقة بالأمن والاستقرار، ويحد من النمو الاقتصادي، الأمر الذي يخلق بيئات مناسبة لانتشار الإرهاب العالمي على أوسع نطاق.‏

إن مسؤولية الولايات المتحدة والدول الغربية كبيرة جداً لمنع وصول العالم إلى حالة انحدار سريع في تسيّد الأمن والاستقرار، ويكون ذلك بقبولها منطق مشاركة قيادة العالم والتوقف عن فرض نمطها الاجتماعي والسلوكي والاقتصادي على باقي المجتمعات الأخرى، والاهتمام بمصالح شعوبها ليس على حساب الآخرين بل بالتعاون معهم.‏

كان من المتوقع أن يؤدي مخاض الانتخابات الأميركية إلى قناعة أميركية بضرورة تقبل منطق المشاركة، مع إطلاق ترامب شعار «أميركا أولاً» ولكنَّ ما أفرزته هذه الانتخابات من خلافات سياسية داخل الولايات المتحدة يُتخوف أن يصرف بافتعال حروب عسكرية هنا وهناك، من غير الممكن توقع الكوارث التي ستحدثها.‏

صحيفة الثورة

 

انظر ايضاً

مدير مشفى دمشق يوضح أسباب فصل أحد الأطباء المقيمين

دمشق-سانا أكد مدير عام مشفى دمشق الدكتور محمد الحلبوني عدم صحة الأنباء المتداولة ‏حول قرار …