كتاب “قرى الكتلة الكلسية في شمال سورية” يوثق لأهمية المنطقة

دمشق-سانا

في محاولة منهما لمواكبة ملف تسجيل القرى الأثرية في شمال سورية على قائمة التراث العالمي واستكمالاً لجانب مهم لم تتناوله الدراسات السابقة حول المنطقة الأثرية قدم كل من المهندسة لينا قطيفان وايمن سليمان كتابهما /قرى الكتلة الكلسية في شمال سورية إرشادات أولية/.

وتأتي اهمية الكتاب الصادر عن المديرية العامة للآثار والمتاحف كون المنطقة تفتقر للبحوث القانونية والإدارية ليكون دليل عمل يرشد المهتمين والمخططين والمستثمرين والسكان في المنطقة للخطوات التي يمكن اتباعها لإقامة أي نشاط اقتصادي أو سياحي أو ترويجي أو استثماري .

ويقدم الكتاب توصيفاً وتقييماً للواقع الحالي للتجمعات الأثرية الثمانية في محافظة ادلب التي سجلت على قائمة التراث العالمي عام 2011 مستعرضا واقع حمايتها القانونية ومعايير اختيار مواقع التراث العالمي ودراسة قرار التسجيل النموذجي واشتراطاته وأهدافه ونظام إدارة التجمعات الأثري من حيث أهميته وأهدافه وإطاره إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالتجمعات الأثرية جراء سوء الاستخدام .

كما يتضمن الكتاب دليل عمل شمل اشتراطات النشاطات الاقتصادية والزراعية والصناعية والسياحية والترويجية في منطقة القرى الأثرية مع التطرق لاشتراطات السكن وتصميم المنازل ومواد البناء وسواها.

ويشير الكتاب إلى الأهمية الكبيرة لهذه القرى إذ انها تعتبر ذات قيمة عالمية استثنائية حيث يقع الموقع على مساحة حوالي 130كم مربع ويعيش فيه ما يقارب 10 آلاف نسمة وتمثل تجمعاته منطقة ما تزال تحتفظ بآثار الاستيطان البشري العائد إلى الفترة بين القرنين الأول والسابع للميلاد والتي ساهمت منذ الفترة الكلاسيكية بقولبة وتشكيل المشهد الذي ما يزال يحتفظ حتى اليوم بالخواص التي تميز بها خلال أواخر الفترتين الكلاسيكية والبيزنطية.

ويسمح الوضع الاستثنائي للموقع الذي تتميز به الأطلال والمشهد اللذان هجرا طويلا من الإنسان بالحصول على رؤءية فريدة لا مثيل لها حول أسلوب حياة سكان هذه المنطقة وبالتالي حول مظاهر الحياة ضمن المناطق الريفية في نهاية الفترة الكلاسيكية .

ويلفت الكتاب الى ان الموقع طرح للتسجيل على قائمة الإرث الحضاري لأنه يظهر الطريقة الاستثنائية لنمو حضارة زراعية غابرة ولأنه يقدم من خلال أطلاله المعمارية العديدة مواقع صرحية ذات قيمة استثنائية في العالم المسيحي الشرقي ولأنه يسمح بفهم الطرق الكلاسيكية لاستعمال الأراضي الزراعية ورؤءيتها على
ارض الواقع .

ومما يدعم القيمة الاستثنائية العالمية لموقع القرى الأثرية في شمال سورية حالة الحفظ الاستثنائية للأطلال كالقبور والمساكن والمعابد والكنائس والأديرة التي حافظت غالباً على مواد بنائها الأصلية حتى كورنيش الأسقف.

ويعتبر تكامل المشهد والمواقع فريدا من نوعه لا ينقصه إلا الأجزاء الخشبية والزخارف التي لم تستطع مقاومة الزمن بالإضافة إلى أن أصالة المنطقة محفوظة تماماً بسبب موقعها مما أبقاها لفترة طويلة خارج الأحداث التاريخية الكبيرة التي حصلت في نهاية الفترة الكلاسيكية إلى فترة الحروب الصليبية وفترة الاحتلال العثماني وحتى التحولات التي حصلت خلال فترة الاستعمار الفرنسي وبعيد الاستقلال.

ويكتسب الكتاب أهمية خاصة كونه يحتوي معلومات /تفصيلية/ قانونية فنية وإرشادات عملية لمنطقة التجمعات الأثرية تم اشتقاقها من روح ملف التسجيل على قائمة التراث العالمي وبشكل يلائم خصوصية المواقع والمباني الأثرية في المنطقة مع مراعاة الحفاظ على المشهد الطبيعي الثقافي فيها.

ميس العاني