لا أحد في منطقتنا وخارجها لا يشاهد ما تحققه إسرائيل من مكاسب جراء الأحداث الملتهبة والمتطورة باستمرار في دولنا العربية ومحيطها الإقليمي.
فإسرائيل هي المستفيدة الوحيدة من الحرب الإرهابية التي تشن بـ »أموال وأجساد عربية وإسلامية» على سورية، وها هي تعلن صراحة وبلسان أحد كبار ضباطها أن تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي المصنف في الأمم المتحدة ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، والذي ينادي «صوتياً فقط بتدمير إسرائيل» لا يشكل تهديداً لها، وأن إرهابييه تربطها بهم علاقة إنسانية. بالتأكيد هي مجرد غلاف للتعاون الأمني والعسكري مع هذا التنظيم.
وأيضا إسرائيل هي المستفيدة الوحيدة من إضعاف الجيش العربي السوري، لأن هذا الجيش لا وجهة لسلاحه في الأساس، إلا العدو الإسرائيلي وأدواته الإرهابية في المنطقة.
وما يحدث في العراق، لا يختلف من حيث النتائج عما يحدث في سورية، فإبقاء العراق خارج الفعل والعمل في الإطار العربي واستهداف بنيته الاقتصادية والتحتية والاجتماعية، يصب في نهاية المطاف، في خدمة المشروع الصهيوني، ولم يعد سراً الحديث المتصاعد عن تعزيز إسرائيل وجودها الأمني، والاستثماري على الضفة الشرقية لنهر دجلة في الشمال العراقي، وهناك تقارير لصحف غربية عن شراء صهاينة أراضٍ واسعة في شمال العراق وتوطين يهود فيها.
وكذلك الأمر تنتهي نتائج الأحداث الإرهابية المتصاعدة في مصر، واستهداف الجيش المصري، وتشتيت جهود البلاد الاقتصادية، وإبقاؤها تحت رحمة المساعدات الأميركية الصهيونية، وساطور اتفاقية «كامب ديفيد» في المصلحة الإسرائيلية.
وبالتأكيد، خروج ليبيا من دائرة الوجود الجيوسياسي، وتحولها إلى مفرخة للإرهاب، يؤرق في المقدمة تونس ومصر والجزائر والسودان والمغرب وموريتانيا، ويحقق المصالح الاسرائيلية، ويفتح أبواب الساحة الإفريقية على امتدادها، لتكون مرتعاً للفعل الصهيوني الغربي الذي لن تكون خواتيمه بعيدة عن مطامع العدو الصهيوني.
وفي الخليج العربي، ليس هناك من جديد إلا الوقاحة السعودية القطرية الإماراتية، في إعلان الانبطاح الكامل أمام الولايات المتحدة وإسرائيل، وتحويل كل إمكانيات هذه البقعة من التراب العربي لخدمة المشروع الأميركي الصهيوني، الذي لن يترك نجاحه أي أثر لهم.
أما في مركز المنطقة، فلسطين المحتلة، والتي تشكل مركز فعل العدو، ومركز انهزامه وسقوطه، فبعد أن ارتكب العدو الصهيوني العشرات من المذابح والمجازر بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ودمر بنيته التحتية، وقواه الاقتصادية، يكمل اليوم عدوانه في الضفة الغربية، بإعلانه بناء المئات من الوحدات السكنية للمستوطنين اليهود القادمين من أصقاع العالم، في الأراضي الفلسطينية شمال غرب الضفة الغربية المحتلة، دون أن يعترض أحد من العرب المنشغلين بحماية أوطانهم من أبناء جلدتهم في العروبة أو الإسلام.
مع الأسف، إن الجهات التي تزعم زوراً وبهتاناً أنها ترفع راية الإسلام والتي لا نشهد لأصواتها المرتفعة ضد إسرائيل والغرب «المستعمر والمستعهر» أي انعكاس على أرض الواقع هي سبب (بلاوي) الأمتين العربية والإسلامية، والإسلام براء منها، وهذا الواقع الصعب يفرض على قوى الأمة الوطنية نهوضاً سريعاً لمواجهة أخطار جسيمة تهدد الوجود الجيوسياسي العربي بأكمله.
إن عدونا الصهيوني في أعز أيامه وأحلاها، ويخطئ من يزعم أنه في أزمة أو تهديد إرهابي قادم، ومن لا يزال يعتقد أن «داعش وجبهة النصرة والقاعدة» وبناتهم وأتباعهم هم في خانة العداء لهذا العدو، فما عليه إلا الذهاب إلى بقاع الجولان الذي شهد معركة حطين، ليرى بأم العين كيف تفرد الطاولات المشتركة وتشرب نخب الكؤوس بين جنود الاحتلال وإرهابيي «جبهة النصرة»على بطاح الجولان مستبدلاً فيها شاربي الكؤوس كلمة cheers» « بكلمة تكبير .
صحيفة الثورة