الموسيقية شادن اليافي: الموسيقا في سورية بحاجة لتطوير مناهج التعليم

دمشق-سانا

استطاعت عازفة البيانو السورية شادن اليافي أن تثبت موهبتها الاستثنائية داخل سورية وخارجها فعزفت على أهم المسارح ونالت أهم الجوائز الأكاديمية على تحصيلها وبحثها العلمي الموسيقي العالي إلى جانب نيلها أعلى الشهادات في علم الموسيقا ما أهلها للتدريس في أعرق جامعات الولايات المتحدة الأميركية.

تقول الموسيقية شادن اليافي في حديث لـ سانا.. أجد أن وضع الموسيقى الكلاسيكية في سورية اليوم ما يزال متقدما على كافة البلدان العربية ودار الأوبرا بمسارحها والآلات الموسيقية خاصة آلات البيانو تنافس المسارح العالمية مضيفة أن الجمهور السوري ذواق ويمتاز بانفتاحه على كل انواع الموسيقى وحبهللتعلم وقدرته على الانصات والتركيز والتأثر والتفاعل بما يقدمه الموسيقي المحترف.

وتوضح عازفة البيانو أنها عندما تقدم الحفلات في دار الأوبرا بدمشق تشعر بأن الجمهور معها في كل لحظة وفي كل نفس ومع كل ايماءة مبينة أنها تشعر بقوة تمدها بالمشاعر وبالوحي فالأداء الموسيقي هو أخذ وعطاء وشعور ينبع من القلب ويرسل إلى القلوب المحبة المتلقية مؤكدة أنها لم تشعر بالروحانية كالتي شعرت بها عند العزف أمام الجمهور السوري.33

ومع كل ذلك فالباحثة الموسيقية السورية ترى أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه وضع الموسيقى لدينا وفي الدرجة الأولى كل ما يتعلق بالتعليم في جميع مراحله لتوضح الأستاذة في معهد بروكلين في الولايات المتحدة الاميركية أنها لا تقارن وضعنا بأوروبا أو أمريكا بل ببلاد تشابهنا نوعا ما وخاصة فنزويلا ففي مطلع السبعينات كانت تضم فرقتي موسيقى كلاسيكية واليوم بات العدد يفوق المئتين بفضل ازدهار تعليم الموسيقى.

وتشير اليافي إلى أن المشكلة الحقيقية تبدأ منذ تعليم الطفل الموسيقا في بادئء الامر وكيف تقدم اليه متسائلة هل تقدم بشكل شيق يحفز خياله وقدراته الإبداعية.. أم عبر قواعد جوفاء وامتحانات لا تنتهي وعلامات وانتقادات.

وتؤكد الأستاذة في جامعة تافتس وجامعة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية أن المناهج في الاكاديميات الموسيقية لدينا ما زالت عشوائية وغير منظمة وقبل أن نحلم بإنشاء دراسات عليا ينبغي أن تنصب الجهود لتمكين المناهج في المرحلة الجامعية الأولى في المعهد العالي للموسيقى.

وتبني اليافي فكرتها من وجود نقص شديد لدينا في الخبرات والكوادر المؤهلة التي أتمت الدراسة في الخارج حيث لا تجد عندما تعود بيئة تستقبلها وتفيد منها إلى جانب مشكلة مهمة وهي عدم وجود أي مكتبة تضم أمهات الكتب الموسيقية والأبحاث والمجلات الدورية مثل مكتبات الفروع الأخرى العلمية والأدبية وذلك بعد خمسين عام من التعليم الموسيقي.

رغم كل هذه المشاكل تعتقد اليافي أن هناك الكثير من الموسيقيين السوريين المحترفين الذين يسعون جهدهم للنهوض بالموسيقا في سورية ويعملون بشكل دؤوب على أمل أن تثمر جهودهم مستقبلا.

قدمت الباحثة الموسيقية العام الماضي كتابا بعنوان الموسيقا في قلوبهم صدر عن دار الشرق للطباعة والنشر وفي هذا الكتاب مجموعة من النظريات التربوية الحديثة بعضها مألوف مثل نظرية جون ديوي وماريا مونتيسوري وأخرى غير معروفة مثل الكسندر نيل وستاينر.

وتقول اليافي.. إن هذه النظريات حديثة رغم أنها تعود إلى النصف الثاني من القرن الماضي لأن التغير والتقدم في مجال التربية بطيء جداً وهناك دائما مقاومة ورغبة في عدم المساس بأساسيات التربية ولكن لا مناص من التقدم والتطور واليوم لا يمكننا تعليم الأطفال بالطريقة نفسها المتبعة قبل خمسين سنة.

وتبدي استغرابها من معاهد موسيقية تصر على تعليم الصولفيج قبل تعليم الآلة مع أن معظم الدراسات تشير إلى وجوب تعليم الاثنين معاً وتذكر كيف كان العزف السماعي يعتبر “ضاراً” بل “خطيرا” ولا يسمح للطلاب امساك الالة قبل قراءة النوطة وهذا في رأيها ورأي الكثير من الباحثين امر خاطئء ويحد من قدرات الطفل الابداعية.

وتوضح أنها ضمنت كتابها بضع تجارب تمت في أمريكا لتحفيز الإبداع عند الأطفال وتقول إن الإبداع يمكن تعليمه وتنميته أو يمكن طمسه وسحقه عند الطفل كل هذا يتعلق بالاستاذ والطريقة المتبعة فالتعليم الموسيقي مسؤولية كبيرة جداً متمنية أن ينظر إلى التعليم الموسيقي بطريقة اكثر جدية وأن يقوم الأساتذة أداءهم قبل أن يقوموا ويقيموا مستوى طلابهم.

وتقدم عازفة البيانو نصيحة للموسيقيين الناشئين بضرورة المواظبة على التمرين لأنه أصعب ما في هذه المهنة وفي كل الظروف وكل الاوضاع ومهما كان هذا شاقا إلا أنه سيكون مجزيا فيما بعد معتبرة أن شعور العازف احيانا بعدم قدرته على الاستمرار بسبب المعوقات المادية أو المعنوية أو الاجتماعية أو لأنه يقارن نفسه بالآخرين ممن هم أقل منه موهبة ينبغي أن يدفعه للتسامي عن هذه الأوضاع والانصات فقط إلى الذات الداخلية وعزل النفس عن المؤثرات السلبية والتفكير دوما في التقدم والتركيز على ما يحسن الاداء لأن لا شيء مستحيلا مع المثابرة والصبر في عالم الموسيقا.

الجدير ذكره أن عازفة البيانو شادن اليافي خريجة المعهد العالي للموسيقا وتحمل دبلوم دراسات عليا في البيانو من كلية لونجي للموسيقا في بوسطن وشهادة الماجستير في العزف على البيانو من الكلية ذاتها ونالت الدكتوراه في الموسيقا من جامعة بوسطن ومنحتها الهيئة التدريسية جائزة العميد للتفوق الأكاديمي ومنحتها العضوية في مجلس الشرف الموسيقي الاميركي عام 2006 كما عزفت اليافي بشكل منفرد عدة مرات مع الفرقة السمفونية الوطنية السورية وفرقة موسيقا الحجرة وأقامت العديد من الحفلات الافرادية في سورية والولايات المتحدة الأميركية وهي حاصلة على إجازة في الصيدلة من جامعة دمشق.

محمد سمير طحان