البيوت الريفية الطينية في اللاذقية مفرداتها المعمارية تدل على تاريخها القديم

اللاذقية-سانا

رغم تراجع عددها لا تزال بعض القرى في ريف محافظة اللاذقية تحتفظ ببيوتها الطينية القديمة التي كانت منتشرة قبل دخول الحجر والاسمنت للبيوت الحديثة لذلك قامت مديرية آثار اللاذقية مؤخرا بتثبيتها وتوثيقها باعتبار أنها تشكل تواصلا مع الماضي وتحفظ التراث الشعبي.

ويقول مدير آثار اللاذقية المهندس ابراهيم خير بيك  في تصريح لنشرة سانا سياحة ومجتمع..”إن نموذج المنزل الريفي في كل بلدة يتأثر بالمحيط المجاور من آثار ومحميات وغابات وأنهار ففي فترة قديمة نوعا ما كانت البيوت في القرى والبلدات عبارة عن بيوت طينية قديمة حيث اعتمد أجدادنا على مواد البيئة الموجودة في المنطقة لبناء بيوتهم كالحجارة والأخشاب والقصب وأغصان الاشجار والتراب المجبول بالتبن”.

ويوضح المهندس  خير بيك  أن أهل القرية كانوا يعيشون في هذه المنازل قبل أن يدخل الحجر والاسمنت والحديد الصلب للمساكن المعاصرة” حيث شكل المنزل رغم بعض اختلافاته الطفيفة بين منطقة وأخرى أحد أبرز المفردات التراثية في المنظومة الريفية عامة لما اتسم به من ثراء وتنوع في التفاصيل وكذلك جمالية في الطراز التقليدي العام”.

ويضيف مدير آثار اللاذقية..”في مناطق أخرى بني البيت الريفي القديم من حجر الدبش غير المنحوت المسقوف بالتراب والخشب بينما بنيت منازل أخرى من حجر نظيف مطلى بالكلس وسقفها على شكل قناطر وعقود وهناك منازل مبنية من حجر واسمنت وتتكون من عدة غرف ومسقوفة بالحديد والاسمنت المسلح وأخرى مسقوفة بالقرميد”.

ويشير خير بيك الى أن البيوت الريفية القديمة تتميز بتلاصق الأسطح وتجاورها لسهولة التواصل بين الجيران كما يوجد في كل بيت نافذة صغيرة تسمى “الطاقة” تتواصل من خلالها الجارات وتشكل الحارة بناء واحدا يتقطع الى عدد من البيوت لا تفصلها سوى جدران قليلة الارتفاع وبعد بناء البيت الطينى يقوم صاحبه بتطيينه مع أرضه والمصطبة والمدخنة والنوافذ حتى معالف الدواب والفتحات المتروكة لوضع الجرة ويتم تطيين كامل الحيطان بنقوش جميلة تخفي كل عيب في البناء وهذه البيوت بتلاصق أسطحها تشبه الى حد كبير البيوت الدمشقية القديمة.

بدوره يبين أحمد الصالح من قرية  كفرية  من ريف اللاذقية أن “البيت كان عبارة عن غرفة واحدة تقوم على  ساموك “عامود” أو أكثر تبعا لمساحة البيت ويتالف كل حائط فيه من جدارين متقابلين يسمى “حبتين” يملا الفراغ بينهما بكمية من الحجارة الصغيرة تسمى “الجمش” أما العتبة فهي تبنى فوق الباب وتعمر بأحجار طويلة أو قطعة خشبية طويلة ويبنى فوقها حجارة وفي وسط البيت تثبت خشبة سميكة ومتينة توضع فوقها قطع خشبية بشكل مثلث عرضى مهمتها حمل السقف وبعد ذلك يجبل الطين من التراب الابيض المغربل ويخلط ويوضع على السطح ليشكل سقف المنزل وتترك فيه فتحة تساعد على خروج دخان الحطب والطبخ وتؤمن دخول أشعة الشمس الى الداخل وتهوية المنزل على مدار اليوم وأحيانا تستخدم  لنقل الحبوب المشمسة الى السطح”.

من جهته أشار معروف الاحمد من قرية المران الى انه يوجد داخل البيت الريفي على يمين الباب مساحة تسمى  “المريتبة” ويقابلها الى اليسار المصطبة والى يمين المريتبة توجد حظيرة الحيوانات التى يعلوها “العرزال” المخصص للنوم بالإضافة الى ذلك يحتوي البيت الريفى على “المتبن” ويبنى من الحصل وهو عبارة عن مجموعة من الاعواد الخشبية التي تصفف فوق بعضها البعض بإحكام وترتفع من الارض حتى السقف الخشبي ويفتح في أحد الجدارين باب للدخول الى المتبن وإخراج “التبن” أما إدخاله فيتم عبر فتحة في سقف المتبن مخصصة لهذا الغرض تسمى “الروزنة”.

ويضيف  معروف  أن غرفة “المونة” كانت من أهم أركان البيت وهى مؤلفة بشكل أساسي من “الكوارة” التي استخدمت لحفظ الحبوب وتطورت فيما بعد الى “العنبر” كذلك كان هناك بيت الحطب الذي يصفف فيه الحطب بعد جمعه على مدار العام من أغصان الاشجار اليابسة وتقطيعه الى أحجام مناسبة.

من جهتها قالت رئيسة شعبة التراث اللامادي المهندسة سميا نصور انه في مناطق أخرى من ريف الساحل السوري تبنى البيوت الريفية الطينية بأشكال أخرى حيث تتالف من عدة أقسام تتوزع على مساحة واسعة من الارض تتخللها أرض الدار التى تمثل الموزع لكل أقسام هذا البيت.

وأضافت نصور..”تشرف على مكونات المنزل الطيني الذي يتالف على الاغلب من غرفتين فقط إحداهما هي غرفة العائلة وهي مخصصة للنوم والطعام والشراب السهرات العائلية وهي غرفة كبيرة يكون سقفها على شكل أقواس تصل حتى  الجدران مصلبة وتلحق بها غرفة صغيرة لوضع المؤن تسمى الخزانة أما الغرفة الاخرى من المنزل فهي “العلية” وهي المخصصة لاستقبال الضيوف وتحتوي على الخزائن داخل جدرانها لوضع فرش نوم الضيوف وفي هذه الغرفة يسهر الريفي مع ضيوفه وتتصل العلية مع أرض الدار بدرج ومن هنا جاءت تسميتها نظرا لعلوها عن البيت”.

وحول طريقة بناء البيت الطيني المصلب تقول  نصور  يقوم “الفلاحون بردم المكان المخصص للبناء ثم يقومون بوضع الأحجار والطين مضافا اليه التبن لتقويته وبعد أن تجف يزال التراب من أسفل البناء ليأخذ هذا الشكل وللجلوس صيفا في الخارج تبنى “المصطبة” وهي تكون الى جانب البيت ترتفع عن الارض بحدود المتر وتكون أرضها من التراب المصقول مسقوفة بأغصان الاشجار يجلس عليها أهل البيت”.

سلوى سليمان

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency