كشف تقدّم الجيش العربي السوري على حساب التنظيمات الإرهابية في الأحياء الشرقية من حلب أن الولايات المتحدة ليست الوحيدة في سعيها لحماية هذه التنظيمات في سورية وخاصةً تلك التي تحتجز المدنيين كـ «دروع بشريّة» في أحياء حلب الشرقية وفي مقدمتها تنظيم القاعدة بجناحه في سورية «جبهة النصرة».
في الأيام الماضية دخلت فرنسا ومن بعدها بريطانيا على خط حماية المجموعات الإرهابية في هذه الأحياء، وكان اللافت هو تقديم المبعوث الأممي إلى سورية ستافان دي ميستورا نفسه لمرافقة إرهابيي «جبهة النصرة» الذين يريدون الخروج من أحياء حلب الشرقية بهدف حماية المجموعات الإرهابية الأخرى، التي كانت تتشارك أعمال القتل والإجرام واستهداف المدنيين وقطع الرؤوس الى جانب «جبهة النصرة».
قد يفهم الجميع مغزى وهدف تنصيب واشنطن وباريس ولندن أنفسهم لحماية التنظيمات الإرهابية، فلحكومات هذه العواصم أجندات سياسيّة استعماريّة في المنطقة العربية لم تعد خافية على أحد.
ولكن الصادم في هذا المنحى هو ما أعلنه دي ميستورا بتعهده مرافقة إرهابيي «جبهة النصرة» الذين يريدون الخروج من الأحياء الشرقية لحلب، ليبدو وكأن هذا المبعوث الدولي تجاوز مهمته التي أوكلتها إليه الأمم المتحدة للعمل على تهيئة الأجواء لحوار سوري ـ سوري دون تدخل خارجي يفضي إلى حل سياسي للأزمة يحقق مصالح الشعب السوري وليس التنظيمات الإرهابية ومشغليها.
إن السؤال المطروح على الأمم المتحدة هو كيف سيضمن دي ميستورا حياته في حال وافق إرهابيو «جبهة النصرة» على مرافقته لهم أثناء خروجهم المفترض من أحياء حلب الشرقية.
والجواب ربما يعلمه دي ميستورا مسبقاً، ومفاده بأن لا أحد من التنظيمات الإرهابية سيخرج من أحياء حلب الشرقية لوحده، فكلّهم «جبهة نصرة» وخروج أحدهم يعني خروج الجميع.
إن الاستثمار في الحرب الإرهابية على سورية لم يقتصر على الدول الداعمة للإرهاب فقط، وإنما تورطت هياكل في الأمم المتحدة في ذلك كلّ بحسب الفوائد التي يحققها، وادعاء الحرص على السوريين وكل ما أثير عن القضايا الإنسانية في أغلبه مغلف بهذا الاستثمار، وللأمم المتحدة تجارب عديدة أقربها في العراق والسودان وأفغانستان، ومع الأسف لم تكن النهايات في جميعها في مصلحة شعوب هذه الدول.
لقد كان من الواجب على المبعوث الأممي دي ميستورا أن يدعو كل التنظيمات الإرهابية في الأحياء الشرقية في حلب إلى الخروج من هذه الأحياء وترك المدنيين في مساكنهم وأحيائهم كما دعاهم الجيش العربي السوري، ولكن أن يفرز دي ميستورا الإرهابيين كما تفعل واشنطن بين مسلحين وإرهابيين فهذا مخالف للقانون الدولي ولشرعة الأمم المتحدة ويشكل انتهاكاً للسيادة السورية بكون سورية عضواً مؤسساً وفاعلاً في الأمم المتحدة.
ليس مفاجئاً أن يتحسب دي ميستورا وغيره من تقدم الجيش السوري في حلب وسعيه لإعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة وتأثير ذلك على الوضع في سورية، ولكن يجب ألا يكون ذلك على حساب السوريين.
لم يستغرب أحد وبالتأكيد دي ميستورا رفض ما يسمونها «معارضة سورية» مبادرة المبعوث الأممي لأن هذه المعارضة تدرك أن «جبهة النصرة» هي عصب ومحور التنظيمات الإرهابية في أحياء حلب الشرقية، وخروجها يعني فقدان ورقة مهمة في استرزاقها على دماء السوريين.
صحيفة الثورة