الشريط الإخباري

كتاب يرصد تحول رؤى التغيير التربوي من سياقها الفكري النظري إلى سياقها التطبيقي العملي

دمشق-سانا

صدر في دمشق كتاب جديد بعنوان ” الدكتور علي سعد- بصمات تربوية” -عرض وتحليل الدكتور عيسى شماس- يغطي سنوات من العمل التربوي الممنهج والمؤطر في مشروع تربوي ضخم انطوى على رؤى وأهداف وخطط وبرامج ومصفوفات زمنية فضلاً عن توافر الفرق الوطنية المدربة والقيادة التربوية المتمكنة في مجالات التغيير التربوي التي تابعت ما خططت له بجدية وحماسة بل صرامة وسط الكثير من الجدل الذي سبق بعضه بدء تطبيق برامج المشروع ورافق بعضه خطوات التنفيذ ولايزال الجدل مستمراً وسيبقى معبراً عن حيوية صنعها المشروع الأمر الذي ميزه عن كثير من المشاريع المماثلة.

ويجيب الكتاب عن معظم ما تطرحه الأوساط المهتمة بالشأن التربوي حول خطوات المشروع بكل ما انطوت عليه ما يسهل إعادة تقييم الكثير من المواقف سواء كانت داعمة للتغيير أو غير داعمة وطرح الكتاب “مواقف الأطراف كافة” حيث سيصب ذلك كله في مصلحة التطوير التربوي الذي كنا وسنبقى بحاجة ماسة له مثلما ستبقى سيرورته حاجة وطنية لتطورٍ متعدد الأوجه والاتجاهات.

وحول فكرة الكتاب يقول الدكتور الشماس في حديث مع وكالة سانا: عندما فكرت في وضع هذا الكتاب كان اهتمامي منصبا على إبراز هذا المشروع الوطني التربوي المتميز الذي بدأه الدكتور علي سعد حين كان عميدا لكلية التربية في جامعة دمشق وأكمل معظم متطلباته عندما أصبح وزيرا للتربية وقد طال هذا المشروع جوانب النظام التربوي بكامله بدءا من إعداد المعلمين والمدرسين وتأهيلهم وتأهيل المرشدين النفسيين وصولاً إلى تطوير المناهج الدراسية والامتحانات والعناية بالطفولة المبكرة ورعاية المتميزين والإدارة التربوية والإعلام التربوي إضافة للعديد من الجوانب الأخرى فاستحق الكتاب بجدارة أن يكون بعنوان “بصمات تربوية” لأن الدكتور سعد ترك بصمة في تطوير كل مكون من مكونات النظام التربوي. ومن المعروف أن البصمة تتسم بالخصوصية والديمومة وعدم التقليد إذ لكل إنسان بصمته الخاصة.

وحول أهمية التطوير التربوي قال الشماس “لقد أصبح التطوير التربوي حقيقة واقعة لابد منها اقتضتها ضرورة مواكبة العصر الحالي الذي يوصف بأنه عصر التغيرات المتسارعة”الفكرية والسياسية والتكنولوجية والاقتصادية”. ولما كانت المستجدات كلها حاملة التغيير بحكم قانون التحول والتغيير نفسه فإن البحث في تطوير السياسات التربوية وتطبيقاتها لمواكبة التحولاتوالتغيرات يصبح من الضرورة بمكان إذ ان تميز أي نظام تربوي يمكن أن يعزى إلى تميز القادة التربويين الذي يتولون إدارة عمليات التغيير التربوي.

وأضاف الشماس “فعالم اليوم هو عالم متعدد الموءثرات تتنوع فيه أشكال المنافسة وتنهار الفواصل الزمنية والحدود المكانية بين الدول والمجتمعات. ولذلك يعد التغيير “التطوير” سمة من السمات الحضارية الشاملة في العالم المتقدم يمس الأفراد والمنظمات والموءسسات من دون استثناء. ومن أولى بالتربية في عملية التغيير والتطوير باعتبارها النظام الرائد في المجتمع وتقع عليها مسوءولية تأمين الأطر اللازمة للإسهام في بناء المجتمع وتقدمه.

ويتابع الشماس “من حسن حظي أنني عملت في التربية ما يقرب من ثلاثين سنة قبل التدريس في كلية التربية ومازلت فيها ورافقت هذا المشروع التطويري منذ صدور اللائحة الداخلية لكليات التربية 1999 وحتى وضع المعايير للمناهج الجديدة وتأليف الكتب الخاصة بها 2006-2011 فالكتاب في إطاره العام يرصد رؤى التغيير التربوي وعمليات تحوله من سياقها الفكري النظري إلى سياقها التطبيقي ومن أبعادها الشخصية إلى آفاقها الاجتماعية والوطنية والقومية والإنسانية”.

وأضاف الشماس “هنا تكون البرامج التربوية ذات البعد الاستراتيجي ضرورة حتمية تفرضها عجلة التغيير والتطوير من أجل رسم ملامح المستقبل وتوجيه المستقبل وإدارته بما يتناسب مع متطلبات التطوير المنشود. فلا يجوز أن يظل النظام التربوي مراوحا في مكانه أمام رياح معطيات التكنولوجيا والعولمة بأبعادها المختلفة بل يجب أن يتخذ القرار الصائب من أجل تغيير هذا الواقع وتفعيله بما يتناسب مع تغير الظروف الخارجية مع الحفاظ على الثوابت المجتمعية والوطنية. وهذا ما عمل عليه المشروع التربوي الذي نتحدث عنه”.

ويوضح الشماس: يعرض الكتاب “الذي يقع في 448 صفحة من القطع الكبير” التحديات التي تواجه أصلاً المجتمع العربي بعامة وخطط وعمليات التغيير التربوي وبرامجها خاصة والتي طالت تاريخاً من الترهل والجمود في بعض جوانب الفكر التربوي والموءسسات المعنية به والكثيرين من القائمين على شؤونه. ومن أبرز هذه التحديات.. التحدي المعرفي التحدي الثقافي- الاجتماعي- التحدي الفكري الفلسفي-التحدي البيئي- التحدي الإعلامي- التحدي التربوي-التحدي الوجودي.

ورأى الشماس أنه على الرغم من أهمية كل تحد وخطورته وضرورة مواجهته بالوسائل والأساليب المناسبة فقد يكون التحدي التربوي من أشد التحديات التي تواجه التطور الاجتماعي والتنمية الاجتماعية بالنظر إلى العلاقة الوثيقة بين التربية والمجتمع الذي تستمد منه فلسفتها وأهدافها وتشكل المخرجات التربوية المصدر الأساسي لتأمين الأطر “النظرية والتطبيقية”لأي عملية تطويرية في المجتمع.

وأشار الشماس إلى أن التحدي الوجودي قد يكون من أخطر التحديات التي تواجه أي مجتمع لأنه يرتبط ببنية المجتمع وتاريخه وحضارته على مدى تاريخ طويل رسخت التلاحم العضوي بين الشعب وأرضه. وهذا ما يفرض على التربية أن تعزز الولاء للوطن والانتماء للأرض والمجتمع من خلال المناهج التربوية المختلفة وعبر المراحل الدراسية كافة.

ويؤكد الشماس أن الكتاب التزم بالشفافية التي استحقها ذلك السعي الجاد والدوءوب الذي قامت به فرق عمل خبيرة ومتمكنة ما أدى إلى إنتاج تغير جوهري طال عمق النظام التربوي الذي يشكل رهان أي تنمية بشرية كانت أم اقتصادية أم إنسانية مع الاعتبار بأن المنتج البشري الذي تصنعه التربية يشكل البنية التحتية لأي بنية تحتية أخرى موضحا أن التنمية بمفهومها العام هي عملية شاملة لجوانب الحياة كافة وتتطلب وعيا ثقافيا واجتماعياً وتهدف إلى زيادة قدرة المجتمع الذاتية على إشباع حاجاته المادية والمعنوية. ولذلك يجب أن تتركز التنمية على الإنسان وتحسين نشاطاته المختلفة لأنه العامل الأساسي في أي تنمية. فتكون التنمية بهذا المعنى عملية ارتقاء بالإنسان من أجل الإنسان. لأن الإنسان هو الثروة الحقيقية لكل أمة والتربية تعمل على بناء الإنسان القادر على الإسهام في إدارة شؤون الدولة والمجتمع بما يحقق له وللآخرين العيش اللائق والحياة الكريمة.

وأما التربية وفق الرؤى التي يطرحها هذا الكتاب فيقول الشماس “هي تربية على الحياة أي ان التربية هي الحياة وليست إعدادا للحياة كما يقول جون ديوي ويتم ذلك من خلال تأهيل الإنسان بمكونات الحياة من أجل تحسين نوعية الحياة.

وذكر الشماس إن التحليل الشامل لعملية التطوير التربوي يوضح لنا أن ثمة مجالات متعددة في هذا التطوير يرتبط كل مجال منها بعنصر أو مكون من مكونات النظام التربوي بما في ذلك الأداء والتوجيه والإرشاد وجودة المنتح البشري المتسلح بالعلم والمعرفة وبمبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية في أبعادها الاجتماعية والوطنية والإنسانية مضيفا “يجزم الكتاب أن تربية متمكنة عقلانية وعادلة تنتج مجتمعاً متمكناً وعادلاً لا بل تنتج أمة متمكنة قوية وعادلة وبالتالي عالماً متمكناً عقلانياً وعادلاً كما يقول الدكتور علي سعد. وهذه هي الغايات الأساسية لمشروع التطوير التربوي الذي تضمنه هذا الكتاب بالعرض والتحليل”.

ويختم الشماس حديثه بالقول “حاولنا من خلال هذا الكتاب القيام بإسهام متواضع نأمل أن يكون فاعلاً في الحوار والجدل حيث تنوعت أطياف المداخلين حوله والمتدخلين فيه المشجعين لخطواته والمحذرين من إجراءاته من الداعمين له والمؤيدين ومن حاملي العصي الذين يترقبون العجلات وقد اتسعت فضاءات الجدل ومساحاته، ليشارك فيها جميع المستهدفين بالتغيير التربوي وكل ذي صلة بمتغيرات هذا التغيير ما شكل “بانوراما”عنكبوتية البنية انطوت على خليط من الآراء العلمية والموضوعية الرصينة المتخصصة ومن أخرى انفعالية غير متخصصة وثالثة ذرائعية أو نفعية أو غوغائية.. وهذا كله طبيعي ومألوف عندما يكون التغيير بالشمولية التي جاء بها هذا المشروع”.

وأضاف الشماس “ننتظر أن يجد القارئ في هذا الكتاب أجوبة لكثير من الأسئلة التي راودته أو شغلته سواء كان موءيداً للتغيير التربوي الجاري أم غير موءيد له ما يسهم في تدعيم ما ينبغي تدعيمه أو تصويب ما ينبغي تصويبه. كما نأمل أن نكون قد أحطنا بالقدر المناسب من فكر مجتهد لا يركن للسكون”.

والدكتور سعد حائز دكتوراه في علم النفس-الصحة النفسية عام 1983 ومن أبرز خبراته القيادية والأكاديمية -وزير للتربية عام 2003-2011 رئيس لجنة التنمية البشرية في مجلس الوزراء 2006-2011 عضو المجلس التنفيذي لليونيسكو من عام 2009-2011 عميد كلية التربية في صحار-سلطنة عمان 2001-2002 عميد كلية التربية في الرستاق-سلطنة عمان 2002-2003 عميد كلية التربية بجامعة دمشق 1996-2001 ووكيلها من عام 1986-1991 ورئيس قسم الصحة النفسية فيها من 1995-1997 ومن أبرز خبراته القيادية والأكاديمية أيضا أمين عام ومؤسس جمعية كليات ومعاهد التربية في الجامعات العربية 1999-2001 رئيس ومؤسس الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية 1996-2002 رئيس تحرير مجلة جامعة دمشق للآداب والعلوم الإنسانية والتربوية 1997-2001 مؤسس مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس عام 2000.

والجدير ذكره أن الدكتور سعد صنفه المركز الدولي للسير الذاتية في كامبردج-بريطانيا كأحد أهم مئة مهني متميز في العالم لعام 2012 وشارك بأكثر من100 مؤتمر وورشة عمل ويتحدث اللغات الانكليزية والاسبانية والرومانية.

انظر ايضاً

كتاب جديد يعالج الضبط غير الصحيح لحروف بعض الكلمات

دمشق–سانا ضمن سلسلة قضايا لغوية صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب كتاب “عثرات اللسان” …