الشريط الإخباري

ميزان الانتصار ومكيال الهزيمة-صحيفة الثورة

لا يستطيع الأميركيون تحمُّل فكرة هزيمة الإرهاب، رغم حتميتها عاجلاً أم آجلاً، وسواء قبلت واشنطن بذلك أم لم تقبل، وسواء اشتكت لروسيا أم لغيرها من الحديث السوري عن حتمية الانتصار على الإرهاب، في مفارقة تبدو عصيّة على الفهم من دون المكيال الأميركي المثقوب والخطاب المختل بازدواجيته الرخيصة، الذي غالباً ما ينبري للدفاع عن مرتزقته في أزماتهم، ويحاول حفظ ماء وجه مشغِّليهم الإقليميين رغم يقين الأميركيين أنه لم يبقَ فيها ما يمكن حفظه.‏

في المحاكمة المنطقية، سيكون من الصعب فهم حيثياته من دون الأخذ بالعوامل السياسية التي تحكم القرار الأميركي، في وقت تبدو فيه آخر الفرص المتاحة على حافة الإفلاس، حيث زجَّت الأدوات الإقليمية بآخر ما في جعبتها من إرهابيين ومرتزقة جاؤوا بتنسيق استخباراتي أميركي تركي مزدوج وتمويل سعودي لخوض آخر المعارك الفاصلة بين وجود الإرهاب وهزيمته التي تلوح في الأفق، بما تعنيه من خسارة لا تقتصر على المعركة الحالية وما تحمله.. بل في الحرب كلها، التي ستشكل انعطافة حقيقية تدنو فيها الهزيمة أكثر من أي وقت مضى.‏

الخيط الفاصل بين الخيبة الأميركية وهزيمة مرتزقتها يبدو واهياً ومتهتكاً إلى الدرجة التي بدت فيه أميركا تخرج عن طورها فتخلط بين ميزان سياسي مختل يحاكي الأطماع والمصالح بلغة الهذيان ومكيال معطوب وأعمى، فترفض فكرة هزيمة الإرهاب وهي التي تحمل لواء مكافحته منذ عقود خلَت، رغم ما يشوب ادّعاءاتها وما يتخللها من فائض في النفاق، لكنها احتفظت على الدوام بالخيط الفاصل من دون أن تسمح له بأن ينقطع، والمقاربة اليوم تبدو أبعد من سياق الخوف والخشية والهلع من هزيمة الإرهابيين، وتصل إلى مستوى «اليقين» الضمني بأن مشروعها هو المهزوم ،وبات الأمر قاب قوسين أو أدنى.‏

سبب الغضب الأميركي وفق تحليلات الناطق باسم البيت الأبيض يعود إلى أن ذلك يشكل تهديداً لوقف الأعمال القتالية، وتحديداً التهدئة في حلب، وهو ما يثير المزيد من الأسئلة بدل أن يقدِّم الإجابة، خصوصاً حين يقترن بمحاولة محمومة لإدخال التنظيمات الإرهابية المسجلة في اللائحة الأميركية بالتهدئة، لتبييض النصرة وبدلاً عن إدراج ما تبقّى من مشتقاتها.‏

وسبب الاحتجاج الأميركي ودوافع شكواه، لكن ليس كما فسره ذلك «الناطق»، يعود إلى فشل التعويل على الإرهاب والعجز عن الاستثمار السياسي فيه حتى النهاية، حيث ما يجري في حلب لا يُسقط المراهنات ويجدّد هزائم الإرهابيين فقط، بل يعني تساقطاً في المعادلات وانقلاباً في الحسابات، وأن الاستعجال في الاستنتاج والافتراض أدخل أميركا في المحظور.‏

لن ندخل في متاهة المحاججة مع طرح لا يفتقد المنطق فحسب، بل يتناقض معه حتى في أحرف الاستدراك، لكن ما فات الأميركيين وما يجب أن يستذكروه جيداً كما غيرهم من تابعين وأدوات ومشغِّلين مؤقتين أو دائمين للإرهاب والإرهابيين، أن السوريين أحيوا مرور مئة عام على شهداء سقطوا في ساحات الإعدام العثمانية، وكان قبلهم وبعدهم الآلاف، وأن مئة عام مرَّت ولا يزال الشهداء ذاكرة سورية لم تتوقف لا في يوم ولا في سنة ولا في مئة.. ولن تنتهي أبداً، وأجيال تستمد وجودها من ذكرى من ضحَّى ومن استشهد دفاعاً عن الوطن والوجود والمصير.‏

والسوريون اليوم ضحّوا وقدّموا الشهداء، وسطّروا ملاحم بطولة ستبقى خالدة كما خلَّدوا شهداءهم السابقين، وسيحتفلون بعد مئة عام قادمة بمن ضحَّى واستشهد، ليضيفوا إلى كفة الميزان اليقين بالانتصار على الإرهاب، وكما يستذكرون كيف هزموا العثمانيين والفرنسيين واندحرت أدواتهم أو تلاشت واندثرت، سيستذكرون كيف هزموا طواغيت العصر وإرهابييه وداعميه ومموّليه وحُماته، وفي مقدمتهم من يُبدي خشيته من الانتصار على الإرهاب ويُبدي خوفه من تداعياته.‏

الأميركيون لا يخشون على هزيمة الإرهابيين كإرهابيين، ولا على انكشاف عيوب أدواتهم ومشغِّلي الإرهابيين، لأنها عيوب لا يمكن التستر عليها، بل على مشروعهم الذي تتساقط أوراقه وتتهتك المراهنات عليه، حيث في يوم الشهيد وفي موقع الشهيد وفي ذكرى التضحية والفداء للوطن لا مكان إلا للانتصار على الإرهابيين ومشغِّليهم ومن يرعاهم ويحميهم ويتحالف معهم ويعوِّل عليهم، سواء رضيت أميركا أم احتجّت أو تذمّرت، فهذه هي الحقيقة في مئوية الشهداء، والسوريون يسترجعون تفاصيلها والحكايا التي تتقاطع في بعض أساسياتها أو كلها إلى حدِّ التطابق!!‏

بقلم: علي قاسم

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency