حمص -سانا
أكد غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس أن سورية صامدة بصمود قيادتها وشعبها وجيشها وباقية منبعا للنور مشددا على ” رفض تعميم النموذج التزمتي المقيت على علاقتنا مسلمين ومسيحيين فى سورية لأن حقائق التاريخ ومنطق الجغرافيا تقول ان مسيحييها ومسلميها لا يعرفون لغة التكفير والتزمت بل يعرفون بوتقة واحدة تضمهم الى صدر الوطن”.
وقال البطريرك يازجي في كلمة له خلال ترؤسه قداسا إلهيا في دير مار جاورجيوس الحميراء في بلدة المشتاية بوادي النضارة في حمص: “نقول للقاصي والداني لا تأخذوا من التاريخ ما يثير للحاضر ولا تنبشوه لتستوردوا منه ما قد يهرم سلام الحاضر ببعض لحظات الماضي.. تمثلوا بزهوره وما أكثرها”.
وتوجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس الى السيد الرئيس بشار الأسد بالقول “من هذا الدير الشريف المقدس ومن هذه البقعة الطيبة فى وادينا الحبيب نوجه أنظارنا الى سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية ونقول يا سيادة الرئيس إن سورية صامدة بصمود قيادتها وشعبها وجيشها وهي صامدة باقية منبعا للنور بقوة الأمل والثقة المنبعثة من هذه الوجوه الطيبة التي خرجت من رحم هذا الوادي ورأت النور تحت قبة سماء هذا الوطن لتقول للملأ أن سورية ستبقى وسيبقى الوادي ربوعا تخفق سلاما وطمأنينة وتوقا لذكريات خالدة”.
وعبر البطريرك يازجي عن رجائه بعودة سورية آمنة وأن يعود المهجرون إليها وقال “نقول هذا وكلنا يقين بأن رنين المعول في مشرقنا أفصح من ضربة السيف ونحن مزروعون في بلادنا ومنغرسون فيها وحتى ولو جارت الأيام على أخوة لنا فتركوها جغرافيا إلا أن ذكراها والتصاق القلب بها هو الذى يعود بكل مهاجر إليها”.. مضيفا “نقول هذا وفي قلبنا وذهننا وكياننا وحدة تراب بلادنا ووحدة حال انسانها وكلنا رجاء ويقين بأن سورية هي موطن الأبجدية وناسها يتقنون أبجدية المحبة مهما جار الزمن ويقومون كطائر الفينيق من تحت ركام التاريخ”.
وأوضح البطريرك يازجي أن التراب الذى شرب دماء الشهداء لم يسأل إذا كان هذا الدم مسلما أم مسيحيا فالدم واحد هو دم الحقيقة ونحن نقدم دماءنا رخيصة على تراب الوطن ولا بد أن تنبت دماؤنا شجرة يانعة ليبقى صوت الحق في الدنيا.
ولفت البطريرك يازجي إلى أن السوريين لا يعرفون الفئوية ويالفون لغة التقارب والعيش الواحد تحت سقف الوطن الواحد والعلم الواحد معبرا عن شكره لله على عودة الأمان الى منطقة الوادي داعيا في الوقت ذاته لأن يعود الأمان والسلام الى كل التراب السوري الذي يوحد الجميع في هذا الوطن وتاريخ العيش والنضال والشهادة المشتركة في سبيل قضايا هذا الوطن.
ولكل من “يهجر مسيحيا واحدا ولمن يخطف المطارنة والكهنة وسائر الناس ولمن يسيء المعاملة في هذه الأيام” قال غبطة البطريرك يازجي “لم يوص الإسلام ولا أي دين بذلك لقد أوصت العهدة النبوية التي تفصلنا عنها أمتار في هذا الدير بحماية النصارى وبحسن معاملتهم فهل لنا أن نعرف على أي عهدة ارتكز أولئك الذين نكلوا بمسيحيي معلولا ومسيحيي الموصل على سبيل المثال”.
وتساءل غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس هل لنا أن “نعرف عن أي ربيع يتكلم العالم المتمدن ومسلمو ومسيحيو هذا المشرق يدفعون من أرواحهم ومن أوابد تاريخهم للحفاظ على هوية العيش الواحد في هذا المشرق”.. وهل لنا أن “نعرف لماذا يجب أن تكون سورية سفينة العبور إلى فراديس تفرضها فقط عقول البعض وهم الآتون من مغارب الارض ومشارقها”.. وهل لنا أن “نفهم كيف يفسر العالم ديمقراطية خطف المطارنة يوحنا وبولس والصمت الدولي المطبق في الكواليس والأروقة الدولية تجاهه وتجاه تهجير اخوتنا لأنهم مسيحيون”.
كما توجه البطريرك يازجي الى أهالي الوادي بالقول “أخوتي سكان هذا الوادي والمغتربين عنه أن أيديكم هي التي قطفت كرومه وعنبه وهذه الأيدي هي نفسها التي امتشقت القلم لتبحر في فضاءات العلم والأدب ولتمخر مدى فضاءات هذه الدنيا طلبا للقمة العيش وأن أيديكم هذه في سائر بقاع العالم هي التي جمعت التبرعات من أجل الأهل في الديار الأم وهي نفسها التي ادخرت من مالها وأتعابها لخير أوطانها وهذه الأيدي هي نفسها تكتب نشيد عشقها للديار الأولى وتعلم أبجدية الوطن وحب ترابه للأبناء”.
ورفع البطريرك يازجي الصلوات من أجل الأرواح الطاهرة التي سقطت على مذبح الوطن معبرا عن تعازيه “لكل أم وأب وقريب اكتوى قلبه بفقدان عزيز وداعيا الله أن يمسح من العيون كل دمعة وأن يبلسم قلوبهم بندى عزائه”.
حضر القداس محافظ حمص طلال البرازي وحشد كبير من المواطنين.