الشريط الإخباري

“جنيف3” والرهانات المؤذية-صحيفة البعث

ربما هي بشارة خير أن نلج، كسوريين، عتبة السنة السادسة للحرب على بلدنا وفيها، من بوابة السياسة، ممثّلة بـ “جنيف3” وما يحمله من أفق معقول للحل، إذا صدقت النوايا، وخاصة مع اتساع رقعة المصالحات الوطنية المحلية، والثبات النسبي، ولكن الملحوظ، لوقف الأعمال القتالية المترافق مع التقدّم اللافت للجيش السوري ضد الإرهاب في معاقله المتعددة.

بيد أن الاعتماد على النوايا لا ينفع وحده للتوغل في “غابة” السياسة العالمية، فالحقائق السياسية الباردة تقول بكل وضوح: إن الطرف الآخر ما زال مستمراً في إنتاج السرديات المراوغة لمجريات الميدانين السياسي والعسكري، لتحقيق مخططه الأصلي والوحيد وهو: إذا عزّ إركاع سورية عسكرياً فليكن ذلك سياسياً.

بهذا الإطار نقرأ المحاولة المحمومة لنزع المبادرة من السوريين عبر دفن شعار “الشعب يريد” لمصلحة إرادة “الوالي الأممي” دي ميستورا، ومن يقف خلفه بالطبع، والتي تمثلت في إصداره “فرماناً سلطانياً” لم يكتف فيه بتجاوز التكليف الأممي المعطى له ومحاولة صياغة جدول الحوار وفرضها، بل عمد إلى تحديد مخرجات الحوار قبل أن يبدأ، وهو حوار، يجدر التذكير، أنه سوري-سوري بقيادة سورية خالصة، كما أكّدت القرارات الأممية ذات الصلة، وأن دور دي ميستورا، وهو غير سوري بالمناسبة، تسهيل العملية، وليس تسنّم سدة الولاية على “سنجق دمشق” وما يجاورها.

لكن اللافت للنظر أكثر من كل ذلك هو انسياق بعض السوريين خلف طروحاته، وللدقة، خلف طروحات من يحرّكه ويحرّكهم معاً، لنكتشف أن الزمن لم يزل متوقفاً لديهم عند تلك اللحظة الآذارية من عام 2011، بما خلفته من مآس وما أسست له من “رهانات إقليمية ودولية مرتبطة بالصراع في سورية”، حيث تتم “تصفية الحسابات على دماء السوريين”، كما صرّح أحدهم في لحظة وعي لم تدفعه، وأصدقاءه، للأسف الشديد، إلى اتّباع طريق الواقعية السياسية، وخاصة بعد انقلاب رياح المعادلات الميدانية إلى وجهة غير التي وعدوا بها في أروقة الفنادق الفخمة ودهاليز أبنية أجهزة المخابرات “الملكية” العربية والدولية أيضاً.

والحال فإن هذا الغبار السياسي “الديميستوري” لا يجب أن يخفي حقيقة أن “جنيف3” لم يكن له أن يُعقد، في بداية السنة السادسة للأزمة، لولا الصمود السوري الأسطوري، وأن ما لم يُؤخذ حرباً، إرهابية واقتصادية وسياسية وإعلامية غير مسبوقة، لن يُؤخذ على طاولة أممية في “جنيف”، وأن حقن دماء السوريين وبناء سورية الديمقراطية العلمانية يتطلّب، من الصادقين، رعاية محايدة لقرارات الأمم المتحدة، التي وافق عليها الجميع، سواء قرار إجراء حوار سوري-سوري خالص ينتج حكومة وحدة وطنية يترتّب عليها،

دون غيرها، مناقشة صورة المستقبل السياسية والمؤسساتية، ثم يطرح كل شيء على الاستفتاء الشعبي لتحقيق شعار “الشعب يريد” ويقرر أيضاً، أو، وهو الأهم، قرار، بل قرارات، مكافحة الإرهاب عبر تجفيف موارده المالية ومكافحة الفكر التكفيري الذي يقف خلف إنتاجه حيثما وجد هذا الفكر، وقطع طرق إمداده البشرية ثم مواجهته بصورة جماعية، وهي خطوة مفصلية لتمهيد الأرضية لإنجاح أيّ حلّ سياسي مقبل، خاصة وأن الإرهاب يأكل ما يفترض الآخرون أنه مواقعهم وأسلحتهم الأمريكية أيضاً، وما فعلته “النصرة” في ريف إدلب خير دليل على ذلك.

قصارى القول: إن بداية السنة السادسة للأزمة حسمت أموراً كثيرة، لكن التسوية الكبرى ما زالت، كما يبدو من أفعالهم وأقوالهم، مؤجّلة لزمن لا يمكن التكهن به، لأن الجائزة هي سورية، موقعاً إقليمياً وجيوسياسياً لا يمكن التغاضي عنه، وإن كنا، كسوريين، نأمل في أن يساهم “جنيف3” في تقريب هذا الزمن إلى أقرب وقت ممكن، لكن الأمر يحتاج من الآخرين إلى تجاوز رهاناتهم المؤذية، كما يحتاج من بعض السوريين القفز من سفينة “الملوك” الغارقة، وما الرسائل “الأوبامية” الأخيرة سوى دليل جديد آخر على ذلك.

بقلم: أحمد حسن

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency