الشريط الإخباري

جنيف.. القطب غير المخفية ..!!-صحيفة الثورة

وضع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يده على القطب المخفية المعطلة، حين طلب من معارضي الرياض التخلي عن الاتكال على الممولين الخارجيين، وإن كان يدرك أنها بمثابة إعلان موت سريري لتلك المعارضات من وجهة النظر السياسية وغير السياسية، أو في أقله إعلان الاستقالة المسبقة من دورهم الوظيفي وأسباب وجودهم وحضورهم وحتى التسمية التي جاءتهم.

ويدرك أيضاً رئيس الدبلوماسية الروسية بما خبره من تجاربه الماضية والحاضرة أنهم أعجز عن تنفيذ ما طلب، وقد سقطت آخر أوراق التوت عنهم، رغم الضجيج المفتعل واللسان المتدلي صباح مساء، وهو ينطق بما يريده أولئك الممولون، وليس بما يقتضيه المسار السياسي وما يعكسه.‏

ما أتقنته الدبلوماسية الروسية في توصيف الواقع ربما انطلق من زاوية التوقيت زمانياً ومكانياً، حيث الكلمات والتوصيف تصل مباشرة إلى أطرافها الأساسية من دون أن تضطر أن تتوقف عند أي محطة ثانوية، وهذا على ما يبدو ما كان يتعمده الوزير لافروف، وهو أيضاً ما كان يعنيه حين وضع نقاط الدبلوماسية الروسية على أحرف المشهد المتثائب في جنيف وخارجه، ولم يستثنِ منه جهود المبعوث الدولي الذي كان يلوح بالفشل أو الانهيار.‏

على الضفة المقابلة والموازية لها تتكثف المؤشرات الضاغطة على المشهد الإقليمي كما هو الحال على المشهد الدولي وهو يواجه المراحل التحضيرية الممهدة للحظة انعطاف لا بد منها، سواء تغير المشهد بكليته أم استمر على المنوال ذاته، وبقي النفخ الغربي في قربته المثقوبة حول جماعاته الممثلة له، والتي تشكل في غالبيتها التنظيمات الإرهابية، التي سبق له أن وصّف بعضها، وينافق في الحراك نحو تمييع تسمية ما تبقى منها، فيما يكون الإصرار من قبل الممولين والراعين الإقليميين مجرد عراك وهمي، وهم يصارعون طواحين الهواء، حين يعيدون تقليب الصفحات بشكل مقلوب وقد يكون من غلافها الأخير.‏

وسط هذا الاشتباك السياسي والتحضير المسبق لتغيير واضح في قواعد الاشتباك جاء إعلان المبعوث الأممي عن ترحيل محادثات جنيف ليدشن التغيير في قواعد المواجهة الدبلوماسية ومن أعرض جبهاتها الممكنة، حيث هنا القطب الأممية غير مخفية، فيما الجرح النازف الموجع داخل المعارضات يبقى الأكثر إيلاماً، ويواصل استنزاف آخر الأوراق، وهي التي عجزت عن جر المواجهة إلى حيث تريد تمنياتها، أو ما تشير إليها تفسيراتها وجزء من مفخخاتها الموقوتة.‏

والقطبة المخفية تلك هنا ليست حالة منفردة ولا هي متوقفة على ما يطفو على السطح من تفسيرات، بقدر ما تحمل طابعاً مركباً ومتعدد المستويات، فهي تستحضر من بين أوراقها ما تمهلت في طرحه على الطاولة، وما أجلت إشهاره خارجها في الطريق إليها، وما استمهلت حتى في التلويح به، رغم ما برز وما بان من استطالات وأوهام وما لحق بالجهد الدولي من إساءات حين بازر على الإرهاب والإرهابيين، ولم تنفع معها ما كالته بيادق المشيخات من اتهامات وأكاذيب مسبقة أو لاحقة، إلى أن طفح الكأس بغض النظر عن النقطة التي أدت إلى ذلك.‏

بين حديث الدبلوماسية الروسية ودوافع دي ميستورا لترحيل محادثات جنيف يتضح حجم الانكماش في أفق الحسابات والمعادلات الأميركية والأممية ممثلة بمبعوثها الخاص، وينكشف حجم التراجع في منسوب القدرة على استكمال خطوات الالتفاف على جنيف، ولا يستطيع الخط الفاصل أن يخفي الترابط على الأقل من ناحية التوقيت، وإن كان في نهاية المطاف يشي بأن الخيط الممسوك أميركياً لتحركات جنيف وما تطرحه بيادقه المشكلة سعودياً لا يمكن التعويل عليه، وما تبقى منه لا يبدو كافياً لتقطيع الوقت الذي تحتاجه أميركا.‏

عند هذه النقطة تشير أروقة جنيف وبوضوح إلى تلك القطب غير المخفية، والتي كان مسكوتاً عنها أو تم التواطؤ على قبولها أميركياً وأممياً، وتسويقها غربياً، حيث تتضح معها ملامح الغموض غير البناء الذي يعتري الكثير من المقاربات الأممية حيال محادثات جنيف، وتحديداً مع مرور الوقت من دون أن تنطلق فعلياً، والأفق المجهول الذي دفعت إليه الأمور بعد الممارسات التي أقدم عليها مبعوثها الخاص.‏

ما بقي أن كل شيء مرهون بأوراق الميدان المؤجلة أو تلك التي لا تزال طي النضوج المتلاحق تباعاً، والجميع يدرك ويعرف إلى حد اليقين أن الكثير منها لم يستخدم، وحضور بعضها بعد فك الحصار عن نبل والزهراء المحاصرتين لثلاثة أعوام خلت، في ظل صمت أممي مريب، ليس سوى تمهيد للفائض منها.. فيما الحاضر والجاهز يكفي على الأقل للإحاطة بما بان وانكشف من قطب توهم البعض أنها مخفية!!

بقلم: علي قاسم

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency