الشارع الغربي يعبّر عن غضبه الشديد من «إسرائيل» ويندّد بالوحشية والمجازر المرتكبة بحقّ الأطفال في غزة على الرغم من الصمت الغربي الرسمي، أما الحكام العرب فصمّ بكم, يكتفون بالفرجة وكأن مايحدث لا يعنيهم!!، والسؤال الذي قد لا يبدو لنا غريباً هو: كيف يستطيع هؤلاء النوم، وكيف تتحمّل ضمائرهم مشاهد الحرق والقتل والإجرام الذي يمارسه الكيان الصهيوني بحقّ الأطفال والشيوخ والنساء؟ هذا الكيان الذي مدّ أذرعه الأخطبوطية لتطول المنطقة بأكملها، والمسؤول عن كل ما يحدث فيها من فوضى وتقسيم وقتل ودم ودمار وبخاصة ما يجري في سورية، والعراق، والسودان، واليوم في غزة.. الخ، من سلسلة الفجور العدواني السافر، على خلفية «الحفاظ على أمنه»، مصحوباً بالدعم الأمريكي غير المحدود والمستند إلى المطيّة العربية والدعم المالي المباشر واللامحدود للإرهاب في المنطقة وتوسيع رقعته للقضاء على كلّ تسميات المقاومة, في أيّ أرض حلّت، وفي أي فكر تموضعت.
الناشطة الأمريكية والكاتبة السياسية سورايا سيبابور, من كاليفورنيا, المعروفة بدفاعها عن قضايا سكان الشرق الأوسط، أكدت في حديث متلفز لها أن أمريكا هي المسؤولة مسؤوليةً كاملةً عما يحدث في المنطقة، وأن السياسيين الأميركيين وحلفاءهم من شركات الإعلام المملوكة في الأغلب للصهيونية العالمية، يقدمون الدليل تلو الدليل على يهوديّة السياسة الأمريكية وارتباطها بالصهيونية العالمية في كل مناطق العالم التي تشهد توتراً مفتعلاً ومخطّطاً له.. وبخاصة أن نتنياهو سيدخل هذه السنة الانتخابات, والأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ، بل ترى هذه الناشطة -وهذا لم يعد سرّاً -أن السعودية هي المسؤولة عن العدوان على غزة، مع حليفتها الاستراتيجية أمريكا.
إذاً السؤال العريض الذي يجب أن نتوقف عنده ملياً: ماذا يعني ذلك في العُرف السياسي، وماذا يعني المزيد من الدمار والمجازر والقتل؟ هل هو القضاء على المقاومة، واقتلاعها من جذورها، وتجفيف منابعها، أو أسلحتها.؟؟ قد يبدو في الظاهر أن هذا هو العنوان العريض الذي تقوم, وتستند إليه كلّ المؤامرات التي تحوق بدول المنطقة، وفي مقدمتها سورية, إضافة إلى البعد الاقتصادي المهم أيضاً.. لكن العنوان التفصيلي الأكثر أهميةً, والأكثر خطراً على الجانب المحاذي، قد يبدو, ويتجلّى بما تحضّره «إسرائيل» مع جوقتها وحلفائها من العرب، وسيدّهم الأمريكي في معمعة العدوان على غزة الذي توقف على شكل هدنة إنسانية، مع ما يحضر لتأمين احتياجات «إسرائيل» الأمنية في المؤتمر الذي انعقد أمس في فرنسا، وهذا العنوان التفصيلي هو ما يجب علينا التوقف عنده طويلاً، ويتجسد بما يراد من أساليب التوطين المحضَّرة في سيناء لأهلنا في فلسطين على نحو يزيل, ويبعد شبح المقاومة الفلسطينية كاملةً عن الكيان الصهيوني, ويحافظ عليه.
وفي مخطط التوطين هذا، تبرز العديد من القضايا في الدول الإقليمية في المنطقة التي تحاول دول المقاومة وحركاتها التصدّي له بكلّ قوة, ولكلّ محاولات جعله أمراً واقعاً.. هذه المحاولات التي جعلت من بعض الحكام العرب الأدوات المأجورة المنفِّذة لأخطر مشروع صهيوني في المنطقة «التوطين», وإلا ما معنى أن توجّه أصابع الاتهام في الثقافة الأمريكية إلى دول عربية بعينها، وإلى حكام عرب بعينهم، يعملون تحت اللافتة المنفِّذة ليهوديّة السياسة الأمريكية في المنطقة بأكملها..؟!
بقلم د. رغداء مارديني