الشريط الإخباري

الموسيقية زوفاك باغبودريان: نعمل اليوم ليكون لدينا جيل قوي في المستقبل

دمشق-سانا

عندما كانت زوفاك باغبودريان في سن الطفولة لم يفارقها حلم تعلم الرقص ولكن سفر معلمتها وعدم وجود بدائل وقتها حكم على حلمها الأول بالتلاشي ولكنها سرعان ما وجدت البديل فدخلت المعهد العربي لدراسة الموسيقا واختارت آلة الكمان لتؤثر مدرستها الموسيقية محاسن مطر فيها انسانيا ووجدانيا وفنيا بشكل كبير.

وعن هذا التأثير تقول باغبودريان في حديث لـ سانا: “كانت مطر تمثل لي الأنوثة بكل معانيها بحضورها الجميل وحنانها الامومي وقدرتها الكبيرة على التدريس لآلة الكمان إلى جانب الأسلوب اللطيف الذي كانت تتحلى به وخفة ظلها ما أثر في بشكل كبير وأصبح عندي هاجس أن أجيد العزف وأكبر لأصبح مدرسة مثلها”.

وتضيف باغبودريان “عندما انتسبت إلى المعهد العالي للموسيقا لم احظ بتشجيع الأهل في البداية فدرست في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية ونجحت في دراستها رغم عدم حبي لهذا الاختصاص كي أقنعهم بامكانية دخول المعهد العالي للموسيقا دون أن يؤثر على دراستي الجامعية”.

وتوضح أن انتسابها للمعهد العالي للموسيقا شكل حالة توازن بالنسبة لها واحساسا بالانتماء لعالم الموسيقا والتدريس فصارت تتعلم وتعلم بذات الوقت مشيرة إلى أن عبارات الاستاذ الراحل صلحي الوادي ما زالت تتردد في مسامعها عن ضرورة التعاطي بجدية في العمل الموسيقي وعدم وضع المردود المادي كهدف أول على حساب جودة وقيمة العمل المؤدي مع ضرورة الصبر والاجتهاد والمثابرة رغم كل الصعوبات التي يمكن ان تعترض طريقي الموسيقي.

وقالت باغبودريان: إن “تأسيس الفرقة السيمفونية الوطنية ترافق مع حب شديد من جميع العازفين لانجاح هذا المشروع فكانوا يعملون ويتدربون ويقدمون الحفلات دون أي مقابل مادي “مبينة أنه خلال الأزمة ورغم صعوباتها وآلامها استمر أغلب الموسيقيين السوريين في العمل والعزف لانهم يشعرون بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم في الدفاع عن ثقافة وعراقة وحضارة وقيم وإنسانية سورية وشعبها كما يدافع الجيش العربي السوري عن حدودها وترابها.
وتتابع عازفة الكمان في الفرقة السيمفونية الوطنية إن “وجود العازف السوري ونجاحه وتألقه مرتبط بوجود سورية وقوتها وصلابتها وهذا ما أعطى أغلب الموسيقيين السوريين القوة للاستمرار في العمل داخل سورية رغم كل الصعوبات والضغوطات الداخلية وكثرة الاغراءات الخارجية”.

ورغم ذلك تعبر باغبودريان عن عدم رضاها بشكل عام عن الوضع الحالي للموسيقا في سورية نتيجة الأزمة الكبيرة التي نعيشها وتقول..”تحضير موسيقي واحد ليكون بسوية جيدة يحتاج لعشرين عاما من العمل والتعليم والتدريب ونحن اليوم نعاني من نقص الاساتذة والموسيقيين ما سينعكس على مستقبل العازفين الجدد ما يحتاج تضافر جهود الجميع من جهات رسمية وموسيقيين وأساتذة وطلاب وأهاليهم لتجاوز كل العقبات”.

وتلفت باغبودريان إلى ضرورة زيادة أجر الساعات التدريسية في المعاهد الموسيقية لتحسين المستوى المعيشي للأساتذة والعازفين ليتمكنوا من متابعة عملهم وتقديم ما لديهم للأجيال الجديدة وكي لا يفكروا في المغادرة إلى الخارج سعيا وراء لقمة العيش مطالبة بذات الوقت كل الموسيقيين والاساتذة بان يبذلوا كل ما باستطاعتهم للاستمرار بعملهم والقيام برسالتهم الوطنية والثقافية والانسانية المهمة جدا في هذه المرحلة.

وتؤكد مدرسة آلة الكمان في معهد صلحي الوادي للموسيقا أن على مؤسساتنا الثقافية اليوم تجاوز الروتين والبيروقراطية لصالح العمل الثقافي وفائدة الموسيقيين والاساتذة والطلاب وتجاوز كل ما من شأنه أن يعيق هذا العمل.

وعن قدرتها على المواءمة بين التدريس والعزف تقول باغبودريان إن “التدريس يأخذ النصيب الأكبر من وقتي وجهدي ومن خلاله أشعر بأني أعطي ما لدي من معرفة وتقنية لطلابي وان كان هذا العمل مجهدا ومتعبا ويستنزف طاقتي الا اني اكون سعيدة به كوني أنثى أعطي بغريزة الأمومة لأنتظر نتيجة ما أقدمه في المستقبل وفي المقابل عندما اعزف اشعر بسعادة تغمرني وتمتلئني بالطاقة والحيوية والتجدد”.

وختمت باغبودريان بالقول: “لولا أملنا بالمستقبل لتوقفنا عن الأمل ولكننا واثقون من أن هذه مرحلة مؤقتة وستمضي وسنصل للمستقبل بجيل قوي ومعد لتطوير سورية”.

والموسيقية باغبودريان من مواليد عام 1975 انضمت للمعهد العربي للموسيقا عام 1986 وتخرجت منه مع نيلها الشهادة الثانوية عام 1993 ثم دخلت المعهد العالي للموسيقا عام 1996 وبدأت من وقتها بالعزف في الفرقة السيمفونية الوطنية وحتى الآن وتخرجت من المعهد العالي للموسيقا عام 2001 ومن كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية عام 1998 حاصلة على شهادة الماجستير في اللغة الفرنسية وهي مدرسة آلة الكمان في معهد صلحي الوادي للموسيقا من عام 2002 وحتى الان إلى جانب تدريسها للموسيقا في مدارس دمشق ولها عدة مشاركات مع بعض الفرق الموسيقية داخل سورية.

محمد سمير طحان