دمشق-سانا
كلل المايسترو رعد خلف عمل نحو عشرة أعوام في حفله الأخير مع أوركسترا ماري بمصاحبة ستين عازفة سورية قدمن مقطوعات موسيقية مستوحاة من الحضارات القديمة في سورية وبلاد الرافدين ألفها خلف على دفعات خلال السنوات الماضية لتكتمل بشكلها الأوركسترالي في هذا الحفل الذي قدم على يومين نظرا للإقبال الجماهيري على حضوره.
وحول مشروع أوركسترا ماري يقول خلف في حديث لـ سانا في عام 2005 “ولدت فكرة تأسيس أوركسترا من رغبتي بإيجاد حالة مغايرة عن الفرق الموسيقية الموجودة وبقليل من البحث تبين لي أن كادر وخريجات المعهد العالي للموسيقا مع خريجات أوروبا من العازفات السوريات يشكلن قوام سيمفونية ولو مصغرة فقررت ان انطلق بهذه الأوركسترا لتكون الوحيدة من نوعها ليس على صعيد الشرق الأوسط فحسب بل حتى على صعيد أوروبا”.
وعن واقع أوركسترا ماري في ظل الأزمة يشير خلف إلى أن الفرقة تضم اليوم أكثر من ستين عازفة ورغم أن المشروع توقف في بداية الأزمة لصعوبة مجيء العازفات إلى دار الأوبرا لإجراء البروفات بسبب الأوضاع كونهن من محافظات متعددة إلا أنه بدأ منذ عام تقريبا بإعادة تكوين وتشكيل وتجميع الأوركسترا مؤكدا أن سنوات الأزمة لم تستطع أن تخل بتوازن الفرقة ولا النوعية التي يحملها كادرها.
ويوضح خلف أنه حتى هذه اللحظة ما زالت الأوركسترا مشروعا قيد التأسيس لم يكتمل بعد حتى يطلق عليها أوركسترا سيمفونية حقيقية مبينا أن ذلك يتطلب وقتا ليصبح هناك تجانس كلي بين عازفات الفرقة إضافة إلى ضرورة توسيع كادر العازفات ليضم كل الآلات الموسيقية ويقول في هذا الصدد “نعاني اليوم من نقص في إعداد عازفات بعض الآلات لاننا نطمح لتقديم الموسيقا المجردة التي تنقل المستمع والمشاهد إلى حالات جديدة من الاستماع للموسيقا”.
وعن مستقبل الموسيقا الكلاسيكية في سورية يلفت المايسترو خلف إلى السعي الكبير الذي يبذله العازفون الشباب والإدارات الثقافية المسؤولة عن الشأن الموسيقي مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود ظروف ضاغطة تؤثر على العمل منها مغادرة أعداد من الموسيقيين لخارج البلاد ما خلق مشكلة حقيقية تمثلت بنقص عدد العازفين على بعض الآلات الموسيقية.
ويقول المايسترو خلف هناك “سعي جاد من وزارة الثقافة لانعاش الفرقة الوطنية السيمفونية بالذات لأجل الاستمرارية إضافة إلى استدعاء الكادر القديم واخضاعه لدورات تدريبية من أجل تفعيل كل الكادر الموسيقي السوري والنهوض بمشروع موسيقي حضاري يمثل ثقافة سورية الموسيقية” لافتا إلى أن وزارة الثقافة بمؤسساتها تسعى لتقديم الدعم الممكن للموسيقيين والفرق الموسيقية حتى الخاصة منها والتي تملك مشروعا فنيا وثقافيا وطنيا ليتمكنوا من الاستمرار في عملهم.
وحول التأليف الموسيقي الكلاسيكي يرى خلف أنه لا يوجد لدينا مدرسة تأليف موسيقي كلاسيكي إنما هناك سعي جاد من قبل إدارة المعهد العالي للموسيقا لإيجاد مؤلفين موسيقيين مبينا أن هناك مشروعا لتعليم التوزيع الموسيقي بدأ الان في المعهد بالإضافة إلى مشروع آخر في السنة القادمة من خلال افتتاح صف تأليف الموسيقا الكلاسيكية بهدف تهيئة كادر أكاديمي في هذا المجال.
وعن المبادرات المحلية لكتابة الموسيقا الكلاسكية فيعتبرها قائد أوركسترا ماري أنها مبادرات جيدة ومبشرة لأنه من الضروري المحاولة من أجل خلق عالم جديد في مشروع التأليف الموسيقي مؤكدا ضرورة ترويج هذه الأعمال بطريقة مدروسة ومدعومة ولائقة لتصل للناس حيث قامت دار الأوبرا بمشروع ضمن هذا السياق عبر تسجيل وتسويق الأعمال الموسيقية .
وحول كتابته الموسيقا التصويرية للدراما والسينما يقول المايسترو خلف “جمهور هذا النوع الموسيقي يشمل كل الشرائح الثقافية لذلك يجب التفكير بطبيعة هذه المادة الموسيقية التي ستقدم لهؤلاء الناس إضافة إلى الطبيعة الدرامية للعمل لأن الموسيقا التصويرية ليست ذات طابع نخبوي كأنواع التأليف الأخرى التي لها جمهور معين”.
ويعرب خلف عن رغبته بتقديم عمل موسيقي درامي ذي طابع خاص ومختلف ولكن طبيعة الأعمال الدرامية وسرعة تنفيذ هذه الأعمال وعرضها في أوقات محددة من السنة يجعل منها حالة تختلف عن الحفلات الموسيقية المعتادة.
وبين المايسترو خلف أنه لم يغادر سورية باعتباره من مؤسسي الحالة الموسيقية فيها على مدى أكثر من خمس وعشرين سنة ويقول “أنا مرتبط بهذا البلد منذ زمن فهو أصبح بالنسبة لي موطنا بعد العراق وأنا أريد تقديم جزء مما اعطته لي سورية لأنني لا أشعر بانتمائي لأي مكان سواها وان اضطررت لمغادرتها لبلد آخر بسبب مقتضيات العمل فان العودة لا بد ان تكون سريعة لدمشق في انتظار الغد الأجمل”.
ويؤكد المايسترو خلف في ختام حديثه انه أجل كل طموحاته الشخصية في هذا الوقت حتى تعود سورية كما كانت طبيعية وجميلة معبرا عن تفاؤله بمستقبل سورية ويقول “ما زلنا قادرين على العمل وتقديم الحفلات للناس واجتماع ستين عازفة سورية في هذه الظروف ضمن أوركسترا ماري يعتبر تحديا لكل من راهن على قدرة السوريين على المقاومة والحياة”.
محمد سمير طحان