الشريط الإخباري

الاستدارة وإعادة إنتاج الأدوات.. خيارات واشنطن الصعبة-صحيفة الثورة

ليس من المصادفة أن يجري بالتزامن وعلى التوازي حديثٌ إسرائيلي – أميركي رسمي وعلني عن ضرورات إجراء تغيير في الاستراتيجية العسكرية الخاصة بهما كحليفين يلتقيان في الخط العام ويتطابقان في أغلبية التفاصيل، فضلاً عن حديثهما الذي يتقاطع أيضاً بضرورة اعتماد عقيدة قتالية جديدة، وإنّ ما نشره آشتون كارتر وغادي إيزنكوت مؤخراً في هذا الإطار ليس عبثياً ولم ينشأ من الفراغ، وإنما نشأ من عُمق الحالة التي وصل إليها المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة والعالم.‏

من سورية والعراق إلى لبنان واليمن وصولاً إلى أوكرانيا وكوريا، لا تخفى البصمات الأميركية الإسرائيلية وتكاد تعلن عن نفسها في سياقات المواجهة الجارية التي تستهدف قوى إقليمية ودولية بارزة منافسة ترفض سياسات الهيمنة وتُقاومها، وتضرب بثبات وقوة مشروع استخدام الإرهاب لإشاعة الفوضى التي تحقق لأميركا أولاً هدف إبقاء السيطرة على الاقتصاد العالمي وخطوط الطاقة، وثانياً هدف إخضاع مجلس الأمن والعلاقات الدولية لإرادتها.‏

صحيح أن المشروع الشرير إياه يترنح ولم يسقط بعد كلياً، غير أنه بات من الواجب على الولايات المتحدة أن تدرك أهمية التخلي عن الأدوات المستخدمة فيه (تركيا السعودية وقطر) وصار على واشنطن واجب التراجع عن سياسة الاستثمار في التطرف والإرهاب أمراً لازماً ومُلزماً لها إذا كانت تريد لمصالحها ألا تتضرر، ولها في أردوغان عبرة ينبغي أن تقودها إلى معاقبته لا إلى محاولة تبييض صفحته وتبرئته من الإرهاب.‏

وكذا الأمر لعباءات الخليج التي أخفقت وأردوغان بكل الأدوار الوظيفية المُسندة لها المتعلقة باستجلاب وتجنيد المرتزقة الإرهابيين وبتمويلهم وتسليحهم، وعلى الولايات المتحدة التي تعبث بالشرق الأوسط والبلقان وبين الكوريتين أن تستشعر كارثية سياستها الخارجية، وأن تتلمس خطر الإرهاب الذي رعته نشأة وانتشاراً قبل أن يمسي سقوطها في مستنقعه احتمالاً حتمي الوقوع، وقد كثرت الوثائق التي تؤكد شراكتها مع تنظيم القاعدة والمجلس العالمي لتنظيم الإخوان من جهة، وتؤكد من جهة أخرى ضلوعها المباشر باختراع داعش والنصرة وغيرهما.‏

من الواضح أن واشنطن تُقيم في هذه الأثناء بين خيارات صعبة تدرس فيها مصير أدواتها وتحاول إعادة إنتاجها وترتيبها لجعلها صالحة للاستخدام بالمستقبل، لكن السؤال المعقد الذي يفضح عجزها هو: إذا كان توقيع (النووي الإيراني) لا يتعارض مع توقيع (منظومة اس 300)، وإذا كان تقاطُر الخليج قبل الأردن ومصر إلى موسكو لا يتضارب مع ما اتفقت عليه مع روسيا، فما مُبرر الوقت الطويل الذي تستهلكه لتستدير أو لتجعل أدواتها تفعل الشيء ذاته بما قد يخفف عنها وعن أدواتها وطأة النتائج ووقع هزيمة الإرهاب التكفيري الذي قد يلج في وقت لاحق وقريب مرحلة الخروج من تحت سيطرتها الحصرية؟.‏

بقلم: علي نصر الله