خالد الأسعد قدوة مشرفة لعلماء الآثار والمدافعين عنها

دمشق – سانا

لا تفتخر سورية فقط بعظمة حضارتها و تميزها وتفردها بأوابد وقطع أثرية لا مثيل لها في العالم وبإنجازاتها الحضارية التي لا تعد ولا تحصى في سبيل نهضة و تطور الحضارة الإنسانية العالمية بل تباهي أيضا بعلمائها القادرين على دراسة ونشر وتوثيق وتفسير وعرض وحفظ رموز حضارتها وهويتها الثقافية والتاريخية والأثرية ومنهم عالم الآثار السوري الشهيد خالد الأسعد أحد أبرز المدافعين عن آثار مدينة تدمر خلال الأزمة الراهنة في سورية حتى آخر قطرة من دمه.

ويقول المؤرخ الدكتور محمود السيد قارئ النقوش الكتابية القديمة في المديرية العامة للآثار والمتاحف ان “عالم الآثار السوري الأسعد مدير اثار تدمر السابق قامة كبيرة ويتمتع بقدر كبير من التواضع والرزانة وعاشق للوطن وحضارته وشغوف بالعمل الآثاري وتوثيقه وهو شخصية علمية أكاديمية متخصصة بعلم الآثار وقراءة النقوش الآرامية التدمرية التي كان يرى فيها التعبير الخطي أو المادي عن أسرار الحضارة التدمرية ووسيلة لتدوين حضارة تدمر وتوثيق تاريخها العريق علما أنه أمضى خمسين عاما من حياته العلمية والبحثية والميدانية في دراسة وتوثيق ونشر المؤلفات التي تتحدث عن تاريخ وآثار وحضارة وبيئة عروس البادية السورية تدمر أبرز المواقع الأثرية السياحية العالمية المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.

03وأضاف الدكتور السيد.. ولد العالم الأسعد عام 1934 م وحصل في عام 1956 على إجازة بالتاريخ من جامعة دمشق وبعدها على دبلوم بالتربية وكان رئيس دائرة الحفريات في المديرية العامة للآثار والمتاحف منذ عام 1961 م ثم شغل منصب المدير العام لآثار ومتاحف تدمر وأمين متحفها منذ عام 1963 ولغاية عام 2003 وشارك البعثات الأثرية الأمريكية والفرنسية والألمانية والإيطالية والبولونية في أعمال التنقيب والترميم بتدمر.

 وتابع ..ان الشهيد الاسعد ساهم بإعادة بناء اكثر من 400 عمود كامل من أروقة الشارع الطويل ومعبد بعلشمين ومعبد اللات وأعمدة ومنصة وادراج المسرح، وكذلك الأعمدة التذكارية الخمسة المعروفة، إضافة لإعادة بناء المصلبة وأعمدتها الستة عشر الغرانيتية لمدخل حمامات زنوبيا، ومحراب بعلشمين، وجدران وواجهات السور الشمالي للمدينة، وترميم أجزاء كبيرة من أسوار وقاعات وأبراج، وممرات القلعة العربية الأثرية “قلعة فخر الدين” وتركيب جسر معدني فوق خندقها وترميم الأسوار الخارجية والأبراج في قصر الحير الشرقي وإعادة بناء  20 عمودا مع تيجانها في جامع هشام بن عبد الملك وساهم أيضا بشكل فعال في اكتشاف القسم الأكبر من الشارع الطويل وساحة الصلبة أو التترابيل وبعض المدافن والمغارات والمقبرة البيزنطية في حديقة متحف تدمر و مدفن بريكي بن أمريشا عضو مجلس الشيوخ التدمري  وهو مكتشف منحوتة حسناء تدمر عام /1988/م ومدفن أسرة بولحا بن نبو شوري، ومدفن أسرة زبد عته، ومدفن بورفا وبولحا ومدفن طيبول.

وفي عام 2001 م اكتشف الآثاري الأسعد في مدينة تدمر الأثرية 700 قطعة نقدية فضية تؤرخ بالقرن السابع الميلادي، وحملت تلك القطع صورا للملكين خسرو الأول والثاني، وأعضاء من السلالة الساسانية التي حكمت بلاد فارس قبل الفتح العربي الاسلامي و في عام 2003 ساهم في اكتشاف لوحة فسيفساء سليمة تؤرخ بالقرن الثالث تصور مشهد معركة أسطورية بين إنسان وحيوان خرافي مجنح موضحا ان مجمل هذه الانجازات الكبيرة والعظيمة دفع الدول العربية و الأوروبية إلى منحه عددا كبيرا من الأوسمة التقديرية السورية والعالمية ومنها وساما الاستحقاق برتبة فارس من رئيسي الجمهورية الفرنسية وجمهورية بولونيا ووسام الاستحقاق من رئيس الجمهورية التونسية.

وأوضح السيد أن مؤلفات العالم الأسعد تشكل مصدرا مهما وغنيا لمعرفة تاريخ تدمر و لغتها و حضارتها و تجارتها و ديانتها وأعيادها و جيشها و ملوكها و قادتها و أمرائها فهو مؤلف كتاب “زنوبيا ملكة تدمر و الشرق” الذي يضم أربعة عشر فصلا ويروي بتفاصيل تشبع نهم القارئ قصة الملكة زنوبيا و زوجها وابنها وعلاقاتها الدولية السياسية و التجارية و العسكرية وأسلوب و نمط حكمها لتدمر و مراحل تأسيس دولة تدمر القوية ومناطق نفوذها وسيطرتها و حروبها مع الرومان و نهاية حكمها وحياتها و مؤلف كتاب “تدمر.. أثريا.. تاريخيا ..سياحيا” بمشاركة عالم الآثار السوري عدنان البني و هو كتاب قيم يقدم معلومات موثقة عن تدمر و تاريخها و البعثات الأثرية العاملة فيها و أهم  اللقى والأوابد الأثرية المكتشفة و خصائصها و مزاياها الفنية والمعمارية المميزة كما يوضح الكتاب أهمية تدمر و مكانتها المرموقة على خارطة السياحة المحلية و العالمية وقد ترجم بست لغات دولية.

وأضاف الدكتور السيد ان الأسعد هو مؤلف كتاب “مرحباً بكم في تدمر.. الدليل السياحي الأول عن تدمر” و الذي ترجم إلى خمس لغات دولية و مؤلف كتاب “قصر الحير الشرقي.. مدينة في الصحراء” و كتاب “المدفن رقم 36” وكتاب “سورية في العهد البيزنطي والإسلامي” وكتاب “دراسة أقمشة المحنطات والمقالع التدمرية”، بالمشاركة مع أندرياس شميدت كولينيه وهذه الكتب الثلاثة دونت باللغة الألمانية وكتاب “آغورا تدمر” بالمشاركة مع جاكلين دنزر وكريتيان دلبلاس وكتاب “أهم الكتابات التدمرية في تدمر والعالم”  بالمشاركة مع جان”

بابتيست يون وكتاب “المنحوتات التدمرية” بالمشاركة مع آنا سادورسكا وعدنان البني وهذه الكتب نشرت باللغة الفرنسية وتحوي معلومات قيمة عن فن النحت التدمري و خصائصه و مزاياه وتأثره بفن النحت اليوناني و الروماني.

واشار الى ان له ايضا كذلك كتابا مهما وقيما في اللغات التي كانت سائدة في تدمر والتي استخدمت في تدوين النصوص الدينية والاقتصادية و السياسية والتجارية و الحربية والمعاهدات الدولية و النصوص العلمية و الزراعية و غيرها عنوانه “الكتابات التدمرية واليونانية واللاتينية في متحف تدمر” نشر باللغة الانكليزية.

ومن مؤلفات الأسعد أيضا مخطوط بعنوان “قبائل البدو في منطقة تدمر” ومخطوط  “النبات والبدو في قصر الحير الشرقي” و”تدمر وباديتها” و”أفقا تدمر” الذي يتحدث عن أهمية نبع أفقا في حياة تدمر وازدهارها ومخطوط “كيف تتعلم الكتابة التدمرية والآرامية” وكان قيد الطباعة و النشر ومجموعة دراسات تاريخية وفنية مقارنة في “كتالوجات” معارض الآثار السورية حول العالم، تتعلق بالقطع الأثرية التدمرية المشاركة في معارض بولونيا وفرنسا وإيطاليا واليونان واليابان الدولية.

وأكد الدكتور السيد أن سورية ولادة للعلماء على الدوام و أن الجيل الجديد من الآثاريين السوريين سيكمل مسيرة الشهيد الأسعد في التعريف بعظمة الحضارة السورية و حماية مواقعها و أوابدها ولقاها الأثرية التي توثق تاريخ و انجازات الحضارة السورية وجزءا مهما من تاريخ الحضارة الانسانية العالمية جمعاء وأن فريق قراءة النقوش الكتابية القديمة السوري سيواصل قراءة النقوش التدمرية الآرامية وترجمتها ونشر مضمونها مستفيدا من مؤلفات الأسعد في ميدان اللغات والكتابات التدمرية القديمة.

وكان ارهابيو “داعش” اقدموا يوم الثلاثاء الماضي وفي اطار مخططهم التكفيري الاجرامي واستهدافهم للحضارة السورية على اعدام الباحث الاسعد بقطع الرأس في ساحة المتحف الوطني بتدمر ثم قاموا بكل همجية ووحشية على نقل الجثمان وتعليقه على عمود وسط المدينة.

عماد الدغلي

انظر ايضاً

الغنى الفكري والثقافي والتجاري لتدمر على طريق الحرير

حمص-سانا لا تزال تدمر “لؤلؤة الصحراء” وواحة العصور الغابرة تكتنز من السحر والجمال ما يثير …