دمشق-سانا
تعتمد الشاعرة ريما خضر في التكوين الفني لقصائدها على الومضات المكثفة في الموضوع وعلى الترميز والإيحاء لتستخدم الشيء وفلسفته وهي تبث محبتها لموطنها في قصائدها في فيض شعري دافئ يصور دلالة الحس والمعنى فتقول أحمر … أبيض … أسود .. قوس الفرح الوطني .. عيناه لها لون العشب … ترعى ذاك الأزرق … في عيني الماء … .
وتغمس الشاعرة ريشتها في بواطن ذاتها العميقة لتنقل من الأحلام تصاوير الأفكار التي لم تجد في مغاليق النفس مساحة للرؤيا إلا من خلال القصيدة التي شكلتها في بوح نفسي أخذ مسارا دراميا داخليا فتقول في قصيدة رؤيا “في الرؤيا .. زارتني القصيدة .. غرقت في ليلي حاولت إيقاظي .. عندما حاولت إنقاذها من الغرق .. فتلاطمت أمواج الأفكار .. وابتلت قصيدتي”.
وتنضوي اللغة التعبيرية الدلالية المكثفة للشاعرة ريما خضر على بعد ثقافي وبنى فكرية جسدت من خلالها جدلية العاطفة والعقل بين آدم وحواء وتداعيات هذه الجدلية وحضورها الاجتماعي فتقول “لم يكن قيسا مجنونا … ولكن الحواء ليلى … أغوته بنصف عقلها … حين اغواها بكل قلبه ….”.
وتجسد الشاعرة ريما خضر بقصائدها كل ما يختلج ذاتها الإنسانية وذاتها الشاعرة بشكل نفسي انبساطي فيكون مرآة صادقة تعكس تدافع الروح والنفس والجسد وعلاقة الأنا الذكورية مع الأنا الأنثوية بكل تجلياتها وانفعالاتها فتقول “قلبي واحد .. إله على عرش قلبك .. وأنت .. تحبني بحجم السموات السبع .. والحب من وصايا أصابعي العشر ..فهل تنفعك صلاة قصائدي..”.
تحاكي الشاعرة في قصائدها ما يعتري وطنها من أزمات التي تحمل نتائجها الطيبون في وطنها الذين تضاعفت همومهم والذين حملوا الوطن على أكتافهم وفي قلوبهم إيمانا وحبا مستنكرة دعاة القتل والفتنة الذي جروا بدعواهم الآثمة الآلام والموت والخراب ومستبشرة بنور يشع من صوت الحق الذي يدعو إلى المحبة والأخوة فوق تراب الوطن فتقول “ونحن البسطاء مازلنا بسطاء .. نحمل على قلوبنا الجبال .. ونقشر برتقال همومنا .. نفتقد كل نوم ما بقي لنا من أعضاء .. نبتسم .. فما زلنا مكتملي الإعاقة .. لا نكترث لبتر أمنية .. إلى أن تجرفنا الآلام .. سيل يدعو إلى قتلنا .. ونور يدعو إلى بقائنا”.
ويأخذ البناء الفني في بعض قصائد مجموعتها شكلا قصصيا يعتمد الحوار الداخلي للأنا وتركيبا تصويريا يشخص المجرد من المعنى واللامادي في المادي وبإيحاء شفاف يجلي الغموض والإغداق في الرمز فتقول “هذا المساء فارغ منك .. وممتلئ بي .. أخبرني .. إذا .. هل أنت في النصف الثاني .. من الكرة القلبية .. ليغمرني ظلام غيابك”.
ويختلف المستوى البنيوي في مجموعة ريما خضر الشعرية من النصوص التي وصلت إلى حد التحليق ليتراجع في نصوص أخرى التركيب التعبيري للألفاظ والبعد الدلالي والإيحائي للغة المكثفة والترميزية كبنى فنية لقصيدة الومضة التي اعتمدتها وتتلاشى العاطفة في بعض جملها لتصل إلى مستوى الكلام العادي خلافا لأغلب مواطن المجموعة كقولها “كم أنا مجنونة .. أبحث عن عقلي .. في قلبك …”
جاءت أغلب قصائد مجموعتها في شكل فني شعري متألق تكسوه جمالية التركيب البديعي والتمثيلي والإبداعي للصورة وصدق العاطفة وإن اختلفت بعض القصائد في المستوى فقد حكم انتاجها الشعري عفوية الموهبة ومسار حركة الفيض الشعوري.
محمد الخضر