جنيف-سانا
كشف تقرير أممي صادر عن وكالتين تابعتين للأمم المتحدة تدهور الواقع الاقتصادي السوري في زمن النظام البائد، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 64 بالمئة منذ عام 2011 حتى 2024.
وأوضح التقرير الذي أعدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، أن الاقتصاد في سوريا سجل انكماشاً بمقدار الثلثين تقريباً، مشيراً إلى أن الليرة السورية فقدت حوالي ثلثي قيمتها خلال عام 2023 وحده، ما رفع معدل التضخم الاستهلاكي إلى 40 بالمئة عام 2024.
وقالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي: “تعاني سوريا من أزمة ممتدة منذ ما يقرب من خمسة عشر عاماً، وكل جانب من جوانب الحياة فيها قد تآكل، ويؤكد تقريرنا على الحاجة الملحة لإعادة بناء البلاد، ليس على مستوى البنية التحتية فحسب، بل أيضاً من خلال تعزيز الثقة والحوكمة والتماسك الاجتماعي”، في إشارة إلى التركة الثقيلة التي تركها النظام البائد والتحديات الجاثمة أمام الإدارة الجديدة في سوريا.
ووصف التقرير الأوضاع الإنسانية في سوريا بأنها كارثية، مشيراً إلى أن نحو 16.7 مليون شخص – ما يزيد على ثلثي سكان البلاد – يحتاجون إلى أحد أشكال المساعدة الإنسانية، فضلاً عن سبعة ملايين نازح داخلياً، فيما تستمر معدلات سوء التغذية المزمن في الارتفاع.
ورسم التقرير الأممي مسارات التعافي، وقال: إنه “على الرغم من الصورة القاتمة يجب إعطاء الأولوية لإعادة الإعمار، وتنفيذ إصلاحات الحوكمة، وتأمين مساعدات دولية كافية”، مبيناً أنه في ظل هذه الظروف يمكن أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بمعدل 13 بالمئة سنوياً بين عامي 2024 و2030.
وبحسب خبراء الأمم المتحدة، فإن استعادة الناتج المحلي الإجمالي الكامل لما قبل الحرب ستتطلب ست سنوات إضافية من نمو ثابت بنسبة 5 بالمئة، ما يدفع الإطار الزمني إلى عام 2036.
ودعا التقرير الأممي إلى إصلاحات شاملة في الحوكمة، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتقديم مساعدات دولية تتجاوز الإغاثة الطارئة لتشمل دعماً ممنهجاً لإنعاش اقتصادي شامل ومستدام، كما أكد على الحاجة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية، وتطوير قطاعات الزراعة، والصناعة، والمالية، ضمن إطار سياسات شاملة تهدف إلى الحدّ من احتمالية تجدّد النزاعات.
وأكد التقرير على “ضرورة إعادة بناء الثقة في المؤسسات السورية من خلال تعزيز جهود المصالحة، واعتماد تدابير المساءلة، وتنفيذ إصلاحات وتقديم الدعم الإقليمي والدولي، بما في ذلك التخفيف الهادف للعقوبات وتعزيز الجهود الاقتصادية المشتركة؛ لتجاوز المرحلة المفصلية في تاريخ سوريا والانطلاق بمرحلة إعادة الإعمار”.