نتساريم… ممر الموت في قطاع غزة

القدس المحتلة-سانا

نتساريم… طريق استيطاني شقه الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة خلال حرب الإبادة المتواصلة عليه منذ السابع من تشرين الأول الماضي لفصل شماله عن جنوبه، وأقام مواقع عسكرية عدة عليه، وعمل على توسيعه عبر نسف الأبنية السكنية وتجريف الأراضي الزراعية.

الطريق يمتد بطول 7 كيلومترات وعرض 2 كيلومتر، من مستوطنة “بئيري” على الأطراف الشرقية للقطاع حتى البحر المتوسط، فضلاً عن أنه يحمل اسم مستوطنة كانت مقامة في مكانه قبل انسحاب قوات الاحتلال من القطاع عام 2005.

“ممر الموت” هي التسمية التي يطلقها الفلسطينيون على نتساريم، لأن من يحاول عبوره خلال النزوح القسري يستشهد بنيران الاحتلال أو يتعرض للتعذيب أو الاعتقال، وهو واحد من أخطر الطرق الاستيطانية التي شقها الاحتلال في القطاع، وأقام عليها نقاط تمركز لقواته، لزيادة معاناة الفلسطينيين وتقييد حركتهم، وعرقلة إدخال شاحنات المساعدات، ضمن محاولاته لتهجيرهم، وإعادة احتلال القطاع.

ورغم أن الاحتلال أقام نتساريم خلال حرب الإبادة، إلا أنه كان ضمن خطة الأصابع الخمسة التي قدمها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون عام 1971، عندما كان أحد قادة جيش الاحتلال، وكان الهدف منها تسهيل السيطرة على القطاع بتقسيمه إلى 5 كتل.

منسق بلديات القطاع حسني مهنا أوضح أن الاحتلال استولى على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ودمر مربعات سكنية واسعة على جانبي الطريق، وأقام حاجزين عسكريين، أحدهما عند تقاطع الطريق الجديد مع شارع صلاح الدين شرقاً، والآخر عند تقاطعه مع شارع الرشيد غرباً، يمر من خلالهما النازحون الفلسطينيون الهاربون من جحيم الجوع والعطش وبطش الاحتلال.

ولفت مهنا إلى أن الاحتلال يسعى إلى تغيير معالم مدن وبلدات القطاع، عبر شق هذه الطرق العسكرية، ضمن سياساته الرامية إلى تجريد الفلسطينيين من أي أمل في استعادة أراضيهم أو العيش في أمن واستقرار.

محمد سمير شاب فلسطيني نزح من شمال غزة إلى جنوبها، يشير إلى صعوبة تجربة المرور في الطريق قائلاً: اضطررت للمرور عبره خلال نزوحي قبل نحو شهرين، وكان الأمر مرعباً، فقد تم توقيفي واحتجازي وتعذيبي لساعات عديدة، فالانتشار العسكري الكثيف لقوات الاحتلال بمدرعاتها ودباباتها يجعل كل من يحاول العبور في مواجهة دائمة مع الموت، وفرص النجاة ضئيلة جداً.

المزارع رياض شملخ الذي التهم الطريق أرضه في حي الشيخ عجلين جنوب غرب مدينة غزة، يبين أن الاحتلال استولى على مئات الدونمات التي كانت مزروعة بالعنب والتين وأنواع مختلفة من الخضار، وقام بتجريفها بالكامل، ما تسبب بفقدان عائلته وعشرات العائلات مصدر رزقها.

نتساريم ليس الطريق الوحيد الذي أقامه الاحتلال لعزل مدن وبلدات القطاع عن بعضها، فهناك ما يسمى “محور فيلادلفيا” جنوب القطاع على الحدود بين فلسطين المحتلة ومصر، والذي يمتد بطول 14 كيلومتراً، حيث شقه الاحتلال لعزل القطاع عن العالم الخارجي، وخاصةً بعد احتلاله معبر رفح، منفذ غزة الوحيد إلى مصر ومنها إلى جميع أنحاء العالم.

وهناك ما يسمى “ممر ديفيد” الذي شقه الاحتلال لعزل جنوب غزة عن مصر بالكامل، وأقامه بمحاذاة “محور فيلادلفيا” وعلى بعد 200 متر فقط منه، ويمتد من معبر كرم أبو سالم حتى شاطئ البحر، حيث نسف الاحتلال نحو 1900 وحدة سكنية في المنطقة، كما اقتطع كيلومتراً مربعاً من مساحة المدينة، ما تسبب بتشريد آلاف الفلسطينيين.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكد أن إقامة الاحتلال هذه الطرق الاستيطانية تكريس لسياسة قضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين، فهي ليست مجرد إجراء عسكري مؤقت، بل جزء من مخطط أوسع لتغيير الطابع الديموغرافي والجغرافي للقطاع، لتحقيق هدفه في السيطرة الدائمة على الأراضي الفلسطينية، وإفراغها من أصحابها الحقيقيين، وفرض واقع جديد على الأرض يتوافق مع مخططاته طويلة الأمد، الأمر الذي يتعارض مع القوانين الدولية التي تحظر مثل هذه الإجراءات بحق المدنيين تحت الاحتلال.

جمعة الجاسم – عاليا عيسى

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgen