أميركا صانعة الإرهاب وداعمته-صحيفة تشرين

لم يكن الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003 لاستباحة ذلك البلد فقط، وإنما لتدمير منظومة الأمن الإقليمي في المنطقة وفتحها على أبشع أنواع الفوضى… لتطاير شظايا الفوضى إلى سورية وإيران وإلى جميع الدول التي تعارض السياسات الأميركية.. ولم يكن التدخل العسكري في ليبيا في العام 2011 لتدمير بناه التحتية، وقتل الأبرياء فيه فقط وإنما لتتحول ليبيا إلى مركز استقطاب للإرهابيين للانقضاض على دول شمال إفريقيا ومن ثم يكتمل مشهد التفكيك والفوضى في المشرق العربي، وفي المغرب العربي.

العراق وسورية وليبيا ومصر ومعظم دول المنطقة كانت بمنأى عن أخطار تنظيم القاعدة وفروعه قبل احتلال العراق، ولكن تنظيم القاعدة دخل بشكل متزامن مع الاجتياح الأميركي، وأسس أبو مصعب الزرقاوي تنظيم «داعش» تحت الأجنحة الأميركية حيث عمل هذا التنظيم ومن خلال آلاف السيارات المفخخة على قتل عشرات الآلاف وتهجير الملايين من العراقيين، فيما لم يسجل ذلك التنظيم الذي ساعد على تأسيسه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن أي عمل عسكري مهم ضد القوات الأميركية.

إن هذه الحقيقة يعرفها الأميركيون أكثر من غيرهم، حيث قالتها قبل يومين الطالبة الأميركية، «إيفي زيدريتش» صراحة في وجه شقيق الرئيس الأميركي السابق والمرشح المحتمل للرئاسة الأميركية القادمة «جيب بوش» بأن شقيقه الرئيس جورج بوش هو السبب وراء ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسورية.. وأعتقد أن الكثير من الأميركيين سيواجهون المرشحين الرئاسيين لانتخابات العام 2016 بالحقيقة المرة ألا وهي أن أميركا هي الراعي والداعم الأكبر للإرهاب في العالم.

أميركا وحلفاؤها لا يزالون يلعبون بنيران الإرهاب ويستثمرون فيه، وأعتقد أن القمة الأميركية- الخليجية التي تم عقدها في كامب ديفيد قبل أيام لم تكن إلا لاجتراح وسائل جديدة في دعم الإرهاب الذي لم يعد يهدد دول المنطقة فقط وإنما بات يهدد العالم بأسره.. ولتوجيه سلاح الأعراب الذي تم شراؤه بمليارات الدولارات لقتل الشعب اليمني، وربما لافتعال مواجهات عسكرية مع إيران التي تعد من أهم الدول المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في مواجهة الإرهاب في العديد من دول المنطقة.

نحن لا نبالغ إذا قلنا: إن الإرهاب المدعوم أميركياً ومن تركيا والسعودية وإمارات الخليج ينفذ حرباً عالمية تستهدف الإنسانية جمعاء، وتستهدف انجازات البشرية الحضارية.. وهذا يتطلب وقفة أشد حزماً من الدول المهددة بالإرهاب إلى جانب سورية والعراق وإيران التي تقف في وجه هذا الخطر الداهم وتعمل على اجتثاثه.

بقلم: محي الدين المحمد