مرة أخرى يثبت كيان الاحتلال الإسرائيلي عبر قياداته وأحزابه اليمينية المتطرفة حقيقته العدوانية والعنصرية كاشفًا عنها هذه المرة للملأ بمزيد من العنصرية والتطرف، والعزم الأكيد نحو ترتيب أولوياته وخططه التلمودية الاستعمارية بما يحقق الحلم الكبير بإقامة “دولة إسرائيل الكبرى” الخاصة بـ”الشعب اليهودي” بعيدًا عن أي حسابات دولية أو إقليمية أو حتى داخلية.
هذا الكشف يتمثل في حكومة الحرب التي شكلها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة والتي تمثل الواجهة الحقيقية لـ”إسرائيل” بأنها كيان غاصب محتل قاتل مجرم وحشي، لا يعرف الرحمة ولا للإنسانية أي معنى، ولا للقيم والمبادئ أي فهم، ولا يقيم للقوانين والأعراف الدولية والدبلوماسية أي وزن.
وحكومة الحرب الجديدة هذه، والمزمع إعلانها رسميًّا هذا الأسبوع، تعد أخطر ائتلاف حكومي في تاريخ كيان الاحتلال الإسرائيلي، ويتضح ذلك من خلال الأحزاب اليمينية المتطرفة المتشبعة بالعنصرية وبمشاعر الكراهية والعداء للعنصر العربي والفلسطيني، بل لكل ما له هوية عربية وإسلامية، حيث حاز رئيس حزب “البيت اليهودي” نفتالي بينيت على حقيبة التربية والتعليم وهو معروف بتميزه من مواقفه العنصرية والمتطرفة، ما سينعكس ذلك على مناهج التعليم من حيث تعميق سياسات التطرف الديني والقومي في مناهج التعليم؛ أي إرضاع قطعان المستوطنين منذ نعومة أظفارهم العنصرية ومشاعر الكراهية والتطرف والإرهاب وإقصاء الآخر. كما نالت أييلت شكيد وزيرة للقضاء ورئيسة لجنة التشريع في الكنيست وهي من الحزب المتطرف ذاته “البيت اليهودي”، والتي تصف الأجنة الفلسطينية بالأفاعي وتطالب ببقر بطون أمهاتهم، ما يعني أن على الفلسطينيين الاستعداد لـ”سونامي” مشاريع القوانين والعقوبات المغلظة والمعادية والهادفة إلى إعمال مزيد من التشريد والتهجير أو إلقائهم في سجون الاحتلال، إذ جراء ذلك سيشهد العالم بأجمعه هجمة استيطانية استعمارية تستهدف منازل الفلسطينيين، سواء كانوا مقدسيين أو في الضفة الغربية أو داخل ما يعرف بـ”الخط الأخضر”، بمعنى آخر سيشهد الجميع تفعيلًا لما يسمى قانون “أملاك الغائبين” بسن قوانين جديدة تدعمه. كما يعني ذلك ترجيح كفة المؤيدين لإضعاف سلطة محكمة العدل العليا وتقليص مساحة الحريات لأن تعيين قضاتها من صلاحية وزير القضاء. وبالتالي فإن غاية ذلك هو إفراغ فلسطين التاريخية المحتلة من العرب والفلسطينيين، وكذلك إفراغ مدينة القدس المحتلة بقسميها الغربي والشرقي، حيث حاز حزب “البيت اليهودي” المتطرف أيضًا على منصب نائب وزير الأمن وعلى حقيبة الزراعة التي أسندت للمستوطن المتطرف أوري أرئيل الناشط من أجل بناء الهيكل المزعوم وهي وزارة تشمل “وحدة الاستيطان”، والإتيان بهؤلاء المتطرفين هو أمر مقصود لذاته بهدف تقديم دعم إضافي للاستيطان الاستعماري وتهجير العرب البدو من النقب الذين بدأت عملية تهجيرهم بمزاعم أن مناطقهم هي مناطق عسكرية تابعة لجيش الاحتلال، ويرغب في إجراء مناورات عسكرية عليها، وبالتالي يجب على سكانها من العرب البدو الرحيل، وقد أتت بالفعل جنازير دبابات جيش الاحتلال على كامل الأراضي، مدمرةً زراعاتهم ومحدثةً جريمة بحق مواشيهم. فضلًا عن باقي الأحزاب المتطرفة كحزب “شاس” وحزب “يهدوت هتوراه” وحزب “الليكود”. ولذلك ليس مفاجئًا أو مدهشًا أنه فور النجاح في تشكيل هذا الائتلاف الإرهابي العنصري الاستعماري أن يستفتح هذا الائتلاف الإرهابي الاستعماري عمله بالإعلان عن سرقة جديدة ببناء تسعمئة وحدة سكنية استيطانية في مستوطنة “رامات شلومو” في شمال القدس الشرقية المحتلة على حساب أراضي بلدة شعفاط.
إذًا، إنها فعلًا “حكومة وحدة من أجل الحرب وضد السلام والاستقرار في منطقتنا” كما وصفها الفلسطينيون، والمؤسف أن هذا التحول الإسرائيلي غير المسبوق نحو خيار الإرهاب والاستيطان، لا يمكن عزله عن المحيط الإقليمي وفضائه الذي يغلب عليه الإرهاب والفوضى والذي صممت خططه وبرامج دعمه من أجل خدمة كيان الاحتلال الإسرائيلي وتأمين بقائه عبر إعادة رسم خريطة المنطقة بسلاح الإرهاب والفوضى، ولذلك فهذا الائتلاف الحكومي الإرهابي العنصري الإسرائيلي هو ترجمة لما يدور خارج فلسطين المحتلة لاستكمال مخطط رسم خريطة المنطقة وبعثرة دولها لتحقيق الأمن الدائم المراد لكيان الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه.
افتتاحية الوطن العمانية