إحياء عملية قشر البرغل بواسطة الباطوس ضمن فعاليات مهرجان عين البيضا الثالث للتراث

اللاذقية – سانا

يستمتع العم فيصل زيدان وهو يكرر الشرح لزواره عن كيفية تشغيل الباطوس الخاص بقشر البرغل والمراحل التي تمر بها هذه العملية حتى نحصل على مادة غذائية نظيفة صالحة للأكل.

وينهمك زيدان خلال فعاليات مهرجان عين البيضا بأخذ الصور التذكارية مع الزائرين في الفرع الخارجي لمتحف برهان حيدر للتراث الشعبي حيث تم إنشاء الباطوس في ركن خاص لإحياء هذه الحرفة التي كانت لها طقوس عديدة تمتد على مدى شهر من الزمن للحصول على برغل المونة الذي يعد وجبة رئيسية في الصيف والشتاء لكن التطور الصناعي جعل هذه الطقوس تندثر وتزول لتبقى مجرد ذكريات تمر أحيانا في البال.2

ويعتبر زيدان أن المهرجان فرصة للتعريف بآلة الباطوس التي تم إنشاؤها وتعمير أجزائها مؤخرا في مكان متميز لها ضمن ساحة المركز الثقافي بعين البيضا لافتا إلى أنه تم إحياء هذه الحرفة في هذا المكان ببناء أساس على شكل سطح دائري من الحجر الأحمر والإسمنت المقوى بالحجارة الصلبة يرتفع عن الأرض بحدود المتر ويتراوح قطره نحو مترين أو أكثر ويوضع في وسطه وتد خشبي ترتكز عليه الخرزة التي يعود منشوءها لحجر السلاط وهو قريب إلى الغرانيت من حيث القوة والصلابة وتخرج منها قطعة خشبية بطول مترين تربط بحبل وتثبت على كتفي الحصان أو البغل أو الحمار القوي مع وجود قطعة عازلة يسمونها الكدانة ثم تبدأ عملية القشر بدوران الحيوان حول الباطوس فتسلخ الخرزة القشور الرقيقة عن الحبوب التي تقلب بواسطة اليدين أو الرفش.

ويتابع زيدان..عندما كنا صغارا لم يكن الباطوس متوافرا في جميع القرى لذلك كنت اضطر للذهاب إلى قرية أخرى لإتمام عملية قشر البرغل الخاص بمؤونتنا فالعملية تستهلك وقتا طويلا حسب كمية البرغل المراد قشرها والتي تتطلب عددا من الخطوات تبدأ ببل البرغل بالماء قبل أو أثناء تسويته على الباطوس الذي يتسع لكمية معينة ترتبط بعلو حوافه وعند اكتمال القشر وانفصال البرغل عما يغطيه يعرض للشمس فورا ليتخلص من رطوبته ” مشيرا إلى أن الكثير من أبناء القرى كانوا يقومون بتطيين أسطحة منازلهم الترابية سنويا قبل البدء بعملية القشر بالباطوس بغية تأمين مكان واسع لتعريض البرغل للشمس ليجف بحرارتها أو بواسطة الهواء ليصبح صالحا للتخزين في العنابر المصنوعة من الخشب أو ضمن الخوابي الترابية التي صنعوها بأيديهم.

كما أشار زيدان إلى الولائم والمأكولات التي كانت تطبخ مع موسم القشر بالباطوس وتعتمد على البرغل المطبوخ بالسمن البلدي.

من جهتها لفتت فريال حسن المتخصصة بحرفة طحن الحنطة بواسطة الرحى أن هناك العديد من الأدوات القديمة التي سبقت الباطوس في طحن الحنطة والبرغل أهمها جرن الخشب والرحى فالجرن يستعمل لدق البرغل بالدقاقة وهي أداة خشبية مصممة لهذه الغاية وتعتبر من أكثر الأساليب إرهاقا وتعبا لسيدة المنزل كما ينتج كميات صغيرة من البرغل أو الحنطة لا تكفي حاجة أسرة كبيرة مؤكدة أن الباطوس وفر على سيدات القرى في ذلك الوقت الكثير من العناء رغم أنه يتطلب أيضا عدة خطوات ليصبح البرغل صالحا للاستهلاك تبدأ بدرس الحنطة وفصلها عن التبن وغربلتها لتصبح وقتها جاهزة للقشر.

وتضيف حسن ..إن “الباطوس استبدل في زمننا هذا بآلة تتكون من صفيحة على شكل قاطرة مفتوحة لها جرن معدني ويتبع له محرك ديزل يشرف على تدوير البرغل الذي يعزل عن القشر بوقت قياسي ليصبح بعدها جاهزا مباشرة للطحن والطهي ومن المؤكد أن هذه العملية أسهل ولا تتطلب تعبا ومجهودا إلا أنها لا توفر الطقوس الاجتماعية وروح العمل الجماعي الذي كان يرافق عملية القشر بالباطوس”.

انظر ايضاً

رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان يهنئ الرئيس الشرع بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية

الخرطوم-سانا هنأ رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، رئيس …