الشريط الإخباري

“ثقافة المقاومة” كتاب يؤكد على النزعة السلمية للمقاومة

دمشق-سانا
يقدم الدكتور حسين جمعة في كتابه ثقافة المقاومة تصحيحا فكريا ومنهجيا لفهم الناس للمقاومة منذ جذورها وحتى وقتنا هذا مستعرضا أشكالها من الكفاح السلمي حتى الكفاح المسلح مؤكدا على الفرق بين الإرهاب والمقاومة ومبينا النزعة السلمية للمقاومة مع التركيز على الاختلاف بين السلام والاستسلام.
وتطرق جمعة في البداية إلى فكرة الجهاد بين الآباء والأبناء منذ أن كانت غزوا إلى أن غدت كفاحا تحرريا إنسانيا من خلال قراءة موضوعية لصور من التاريخ والأدب القديم مشيرا إلى أن مصطلحات القومية والمقاومة والوطنية والجهاد والكفاح والنكبة والانتفاضة هي من أكثر المصطلحات التي تعرضت للتغيير بين الناس قديما وحديثا حياة وثقافة وأدبا وفنا وهي ركائز تمثل روح الأمة وتعبر عن قيمها الموروثة.
وأوضح أن المفاهيم الثقافية للأمة العربية والاسلامية وقعت تحت ضغط التأثر والتأثير المتبادل وأخذت تتهاوى أمام نظريات الآخر الغربي وقوته التقنية والاعلامية وبخاصة ما يتعلق بالتحرر الوطني ومقاومة العدو الطامع في البلاد والعباد أما الثقافة العربية الاسلامية فقد ابتليت بمفهوم الانزياح في القيم الأصيلة والمبادئ الثابتة لصالح فلسفة الثقافة الغربية.
وأضاف أنه عندما شهد القانون الدولي تطورا ملحوظا في فهم دلالة المقاومة ومكوناتها السلبية والايجابية القائمة على الفعل ورد الفعل وجدنا عددا من أصحاب الاستعلاء والسيطرة والهيمنة على الشعوب مستفيدين من ضعف الدول وعدم قدرة قادتها على مواكبة التطورات الحاصلة في الكون ولذلك شنت الحروب والاعتداءات بذرائع مختلقة لتحقيق تلك الغايات.
وقال.. إن المقاومة اللبنانية والمقاومة العراقية والانتفاضة الفلسطينية أدت إلى تحقيق وعي وخبرة وثقافة أصلت لثقافة المقاومة الحرة وللثقافة العربية الاسلامية المتسامحة التي أكدت أنها ثقافة سلام ولم تكن يوما ثقافة استسلام وخوف.
وتحدث الكاتب في الفصل الثاني من الكتاب عن المقاومة الفكر والجدوى في إطارها الفكري والاجتماعي وتطور الحياة ذاتها وفق منهج المنطق التاريخي الملازم لمبدأ التحليل البعيد عن التعبير الإنشائي مشيرا إلى وجود قواسم مشتركة في الحياة والطبيعة توءكد وجود المقاومة للدفاع عن الذات والوسط الذي ولدت أو نشأت فيه.
وفي الفصل الثالث من الكتاب الصادر عن دار رسلان تحدث جمعة عن انتفاضة الأقصى أبعادها ونتائجها وآفاقها محاولا اثبات ماهية الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية لكونها غدت طقسا يتجدد ما دام الاحتلال قائما للأرض والحياة والوجود ولكونها أعادت الزمن النضالي العربي كله إلى الواجهة مؤكدة أن دولة الكيان الصهيوني دولة إجرامية تصنع الإرهاب وتتحايل على القانون الدولي.
أما الفصل الرابع فيتناول ثقافة المقاومة بين السلام والاستسلام مؤكدا أن هذه الثقافة تستجيب للتحديات المفروضة على الشعوب والدول وتستند إلى الإرادة والوعي والصدق والقوة أي أنها تقف في وجه كل من يستبيح قيم الحق والعدالة ويستهين بالإنسان وحقوقه وكرامته لكونها موقفا نضاليا واسلوبا دفاعيا عن الذات والوجود والهوية الثقافية.
ويركز الفصل الخامس والأخير على ضرورة العناية بكيفية تربية الأجيال الناشئة لاثبات حق مقاومة الشعوب والدول للعدوان أيا كانت طبيعته ووظيفته فلابد لكل طفل أن يدرك أن القوة التي يمتلكها انسان ما أو دولة ما لاتبيح الاعتداء على الآخر بالعنف والقتل والتهجير أو السرقة والنهب والاغتصاب للمروءة والكرامة والحرية.
واختتم جمعة كتابه الذي يقع في 255 صفحة من القطع الكبير بالقول.. أيا تكن قيمة ثقافة المقاومة المسلحة فهي لا تكتمل بغير المقاومة السلمية ولكل منها آثاره الايجابية البعيدة وفق ما أكدت الأحداث التاريخية والمعاصرة.
سلوى صالح