يبدو أن معسكر التآمر والعدوان على سورية خاصة والمنطقة عامة وبعد أن نجح في تعميم “الفوضى الأميركية الهدامة” يتجه بكل عزم وإصرار إلى إنجاح خطوته التالية، وهي تعميم تلك الصورة المستخفة بالعقل العربي والغربي معا والضاحكة على الذقون والمتمثلة في ما أطلق عليها “المعارضة السورية المعتدلة”، فهو بهذه الصورة ـ وبعد أن تمكن من صناعة الإرهاب وإنتاج أدواته وعصاباته وفرزها إلى قسمين “معتدل” و”متطرف” ـ إنما أراد أن يقضي على مصطلح المعارضة السورية، ويشق صف المعارضة السورية في الداخل ويلغي دورها، لأن معسكر التآمر والتخريب في حساباته أن معارضة الداخل من خلال مواقفها المتباينة بين رفض التدخل الخارجي ورفض إرهابه، وبين الحياد أو التأييد لموقف الحكومة السورية من الإرهاب والتصدي للتدخل الخارجي، لن تساعده على نجاح مؤامرته لتدمير سورية، ولذلك وضع كل رهاناته فيما صنعه وأنتجه من تنظيمات إرهابية وأدوات وأعوان وعملاء وتقديمها للعالم على أنها “المعارضة السورية المعتدلة”، وشكل من أجل ذلك غرفة عمليات لدعمها بكل ما تحتاجه من تدريب وتسليح وتمويل ومعلومات استخباراتية.
وفق هذا القدر المتيقن، يمكن أن نتوقع المزيد من العناوين بشتى تلاوينها والمزيد من التقلبات والتحركات التي بدورها ستفتح مزيدا من المواقف والمفاجآت والتصريحات والدعايات بما يؤدي إلى تحقيق ما يعمل عليه معشر المتآمرين وهو إقناع الرأي العام العالمي بأن هناك “معارضة سورية معتدلة” حقيقية يجب دعمها لإخفاء الأهداف الاستراتيجية التي يشتغل عليها معشر المتآمرين، ولتشريع دعمهم الإرهاب.
ومن جديد هذه العناوين المحملة بالدعايات المثيرة للسخرية، ما أعلنته عصابات الإرهاب في الجبهة الجنوبية من سورية والمسماة بـ”الكتائب المقاتلة” عن رفضها التعاون مع شقيقتها المسماة “جبهة النصرة”، والحجة الأكثر إثارة للسخرية والضحك واستخفافا بعقل المتابع هي بعث رسالة للسوريين مفادها أن “ارتباط النصرة بتنظيم القاعدة أبعَد الثورة عن مسارها وأهدافها. لا نريد أن تصبح سورية قاعدة “للجهاد” أو لتوسيع نفوذ دولة البغدادي”. وهي رسالة في مضمونها تدين هذه الكتائب الإرهابية لأنها وما يسمى “جبهة النصرة” وجهان لعملة واحدة، ويتبعان سيدا واحدا ومشغِّلا واحدا وإن تعددت المسميات والهويات، ويحملان السلاح ليس في وجه الدولة السورية والحكومة الشرعية وإنما في وجه الشعب السوري الذي انتخب هذه الحكومة الشرعية، وفي العرف السياسي أن من يحمل السلاح ضد دولة وشعب وحكومة شرعية لا ينطبق عليه مصطلح “معارضة”، وإنما ينطبق عليه مصطلح “إرهابي ومتمرد”، لأنه بهذا الفعل قد تجاوز العمل السياسي إلى ما هو أبعد وهو إسقاط دولة وإبادة شعب. كما أن الوجه الآخر الأكثر إثارة للسخرية والضحك واستخفافا بالعقل هو أن يطلق مصطلح “معارضة سورية معتدلة” على عصابات إرهابية تكفيرية وظلامية تم تجميع عناصرها من أوروبا الولايات المتحدة وباكستان وأفغانستان والشيشان ودول المغرب والخليج، فأوروبا وحدها أعلنت مؤخرا أن ما بين خمسة إلى ستة آلاف إرهابي يمارسون حاليّا الإرهاب ضد الشعب السوري، ويأتي هذا في الوقت الذي يتم فيه شق صف المعارضة السورية الوطنية وإلغاؤها من على الساحة السياسية وتمييع دورها وتقسيمه هنا وهناك، أليست مؤامرة قائمة على الفوضى والإرهاب والكذب والتدليس والتحريض والتشويه؟
رأي الوطن