من المفارقات الصارخة في عالم اليوم أن الغرب، الذي يتبجح بالدفاع عن حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية للدول الفقيرة والشعوب المنكوبة، هو ذاته الذي يمنع تلك المساعدات عن تلك الدول والشعوب بحجج ما نزل بها من سلطان، لا بل يشدد حصاره عليها تحت مزاعم أنها لا تؤثر في مسألة المساعدات الإنسانية.
ولنا أقرب مثال عن تلك المفارقة المثيرة للسخرية، ما يفعله “الاتحاد الأوروبي” بين الحين والآخر مع الشعب السوري، من خلال تشديد عقوباته وحصاره وإجراءاته القسرية أحادية الجانب ضده، بذريعة أنها لا تعيق تقديم المساعدات الإنسانية له، أو حتى الحصول على المواد الغذائية والتجهيزات الطبية.
والسؤال الموجه لساسة “الأوروبي” هنا: لمّا كانت عقوباتهم تشكل تهديداً جدياً لحياة السوريين ومعيشتهم، وتنعكس سلباً على اقتصاد بلادهم، والاستثناءات التي يتبجح بها هؤلاء الساسة لا أثر لها على الإطلاق على أرض الواقع، فأين يمكن لنا أن نصرف تضليلهم المعنون تحت شماعة: “العقوبات لا تعيق تقديم المساعدات”؟.
من هنا فإن قرار “الأوروبي” الأخير حول تشديد عقوباته ما هي إلا حلقة جديدة في سلسلة مواقفه التابعة لواشنطن والمنفذة لأوامرها من جهة، والمروجة من جهة ثانية للشعارات ذاتها، وهي الحرص على حقوق الإنسان ومستقبل الشعب السوري، دون أي اعتبار للحالة الإنسانية الصعبة التي يعيشها والمعاناة المستمرة بسبب الحصار والعقوبات والحرب والإرهاب.
ما يلفت الانتباه في سياسات “الأوروبي” تجاه سورية أنها لم تكن يوماً فاعلة باتجاه إنهاء الحرب الإرهابية على السوريين، بل نرى أن دوره اقتصر على إصدار البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وليست إلا في طريق السير خلف السياسات الأميركية العدوانية لكسب رضا واشنطن وإداراتها.
ولعل أكثر ما يثير الاستهزاء في كل ما سبق أن “الأوروبي” يغوص في كل مرة يشدد فيها عقوباته وحصاره على السوريين بسرد عبارات الحزن والبكاء على الوضع الإنساني لهم والتعاطف معهم، والندب لمعاناتهم الكبيرة إما بسبب الزلزال وإما الحرب، متجاهلاً أنه كان المساهم بهذا الوضع المزري تحت حجج الحل السياسي الغائب مرة، أو لأن المساعدات لا تصل إلى مستحقيها مرة ثانية، أو لأسباب وذرائع أخرى، ومتناسياً أن عقوباته الجائرة والظالمة، وإجراءاته القسرية أحادية الجانب، هي التي تمنع الغذاء والدواء والطاقة عنهم.
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency