ملحمة الجلاء… إرث خالد يستنهض الهمم لصون أرض الوطن ووحدته

السويداء-سانا

“نيل سورية استقلالها وطرد المستعمر الفرنسي عن ترابها لم يتحقق إلا بعد سنوات طويلة من النضال الوطني لأجدادنا ومواقفهم ومآثرهم وبطولاتهم، الذين صنعوا الجلاء وحموا وحدتهم الوطنية مقدمين أبهى الدروس في مقاومة المحتل، وخاصة خلال الثورة السورية الكبرى عام 1925″… بهذه الكلمات بدأ رئيس الجمعية التاريخية في السويداء الدكتور ثابت غانم حديثه عن هذه المناسبة العامرة بالفخر والكرامة.

وقال غانم: “ما سطره صانعو الجلاء من مواقف وتضحيات وملاحم وطنية خلدته صفحات التاريخ والمجد، وخاصة المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش كعلم من أعلام الثورة، ورمز من رموز النضال الوطني ضد المستعمرين العثماني والفرنسي، فكان رجلاً وطنياً شجاعاً ومتواضعاً صلباً في مواقفه، ثابتاً على مبادئه لا يسكت عن ضيم ويترفع عن المكاسب الشخصية من أجل الوطن ووحدته واستقلاله”.

وأضاف غانم: إن “ما تميز به المجاهد سلطان باشا الأطرش من خصال جعل خيرة مجاهدي الوطن وقادته وزعمائه الوطنيين يجتمعون حوله، وسمي قائداً عاماً للثورة بإجماع وطني في مؤتمر (ريمة اللحف) بريف المحافظة الغربي في مطلع أيلول 1925 الذي وضع أسس التعاون بين جميع القوى الوطنية في سورية ولبنان مع تنظيم الجهاز القيادي والإداري والسياسي والعسكري للثورة، كما تقرر متابعة الثورة ودعوة السوريين إلى حمل السلاح ضد المستعمر حتى نيل البلاد الاستقلال التام”.

وحسب غانم جاء البيان الأول للثورة السورية الكبرى الذي أعلنه قائدها العام (إلى السلاح إلى السلاح)، حاملاً بعداً إنسانياً وقومياً وعروبياً ووطنياً تحت شعار (الدين لله والوطن للجميع)، الذي كان له دور في توحيد صفوف السوريين بمختلف أطيافهم فيها، معبراً عن أهداف الثورة المتمثلة بوحدة البلاد السورية والاستقلال التام ونيل الحرية والحقوق والوقوف في وجه المستعمر ومحاولات تقسيم البلاد على أساس ديني وطائفي.

وأشار غانم إلى أن المجاهدين خاضوا خلال الثورة معارك كثيرة سطروا فيها ملاحم البطولة والتضحية، وحققوا الانتصار على الفرنسيين رغم قلة عددهم ولا سيما في الكفر، أولى معارك الثورة التي جاءت بعد مهاجمة حامية صلخد وقلعتها من قبل الثوار والسيطرة عليها، ما دفع فرنسا لإرسال حملة عسكرية لقمعهم واستعادة القلعة أوكلت قيادتها إلى نورمان في الـ 19 من تموز عام 1925، حيث وصلت إلى بلدة الكفر وأقامت التحصينات والمتاريس لمدة ثلاثة أيام قبل أن يتوجه الثوار إليها بأسلحتهم الخفيفة، ورغم كثافة النيران الفرنسية تمكنوا من الوصول إلى الحملة والاشتباك مع العدو بالسلاح الأبيض والقضاء عليها خلال 40 دقيقة، وقتل قائدها بعد أن ارتقى منهم حينها 54 شهيداً، وتابعوا تقدمهم إلى قلعة السويداء وحاصروها لتزداد ثقتهم بالنصر وتحرير البلاد”.

ولفت غانم إلى أن “من أعظم المعارك التي خاضها الثوار ضد الفرنسين كانت معركة المزرعة التي أعقبت تجهيز فرنسا حملة كبيرة مزودة بالمدافع والطيران لاقتحام السويداء وفك الحصار عن قلعتها بقيادة الضابط الفرنسي ميشو، فتصدى الثوار لها قبل وصولها إلى مدينة السويداء في آب عام 1925، فكانت نصراً مؤزراً خسرت فيها فرنسا آلاف القتلى والمصابين، واستولى الثوار على الكثير من العتاد الذي تركه الجنود الفرنسيون الهاربون من أرض المعركة، وكان من أهم نتائجها انضمام الكثير من أهالي الجبل إلى الثورة وانتشارها على مناطق واسعة من أراضي سورية”.

انتصار الثوار في المعارك التي خاضوها وفقاً لغانم “عزز موقف السوريين ومطالبهم عبر مؤتمراتهم ونضالهم السياسي بوحدة البلاد السورية ساحلها وداخلها، والاعتراف بدولة سورية عربية موحدة مستقلة، وقيام حكومة شعبية وانتخاب مجلس تأسيسي لوضع دستور أساسي للبلاد يقوم على مبدأ سيادة الأمة سيادة مطلقة، وسحب القوات المحتلة من البلاد وتشكيل جيش وطني لحفظ الأمن، وصولاً إلى تحقيق جلاء آخر جندي عن أرض الوطن”.

وربط غانم البطولات والتضحيات التي صنعت ملحمة الاستقلال وتضحيات الأجداد بالانتصار “الذي حققه الأحفاد على العدوان والإرهاب اليوم وما معركتا مطار الثعلة والمقرن الشرقي في مواجهة التنظيمات الإرهابية من (جبهة النصرة) و(داعش) إلا امتداد لروح وملاحم معارك الثورة السورية الكبرى في الدفاع عن الأرض والعرض إلى جانب بواسل الجيش العربي السوري والقوى الرديفة لتطهير كامل الجغرافيا السورية من كل إرهاب ومحتل”.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency