مجزرة دير ياسين.. قطرة في نهر الدم

القدس المحتلة-سانا

تمر اليوم الذكرى الـ 75 للمجزرة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين في قرية دير ياسين غرب مدينة القدس المحتلة، وأسفرت عن استشهاد 360 فلسطينياً في واحدة من أبشع جرائم التطهير العرقي التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي وما يزال بحق الشعب الفلسطيني، جراء تقاعس المجتمع الدولي عن تطبيق قواعد القانون الدولي ووقف جرائمه ومحاسبة المسؤولين عنها.

متى وقعت  مجزرة دير ياسين؟

ووقعت المجزرة يوم التاسع من نيسان عام 1948 على أيدي عصابتي “الأرغون” التي كان يتزعمها مناحيم بيغن الذي تسلم رئاسة حكومة الاحتلال بين عامي 1977 و1983، وعصابة “شتيرن” بزعامة إسحق شامير الذي تسلم رئاسة حكومة الاحتلال بين عامي 1983 و1984، وعامي 1986 و1992 بدعم من عصابات “الهاغاناه” و”البالماخ”.

نحو الثالثة فجراً شن إرهابيو “الأرغون” و”شتيرن” هجوماً على دير ياسين من جهتي الشرق والجنوب ليفاجئوا أهلها النائمين، لكنهم ووجهوا بمقاومة شديدة، ما دعاهم للاستعانة بتعزيزات من عناصر “الهاغاناه” و”البالماخ” الذين أمطروا القرية بقذائف الهاون ثم اقتحموها، وفتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة باتجاه الفلسطينيين أطفالاً وشباناً ونساء وشيوخاً، واستمرت المجزرة الوحشية الصهيونية حتى ساعات الظهر.

وقبل الانسحاب من القرية جمع الإرهابيون الصهاينة كل من بقي حياً من الفلسطينيين داخل القرية، وأوقفوهم أمام الجدران، وأطلقوا عليهم النيران وأعدموهم، كما قاموا بالتمثيل بجثامين الشهداء، واقتادوا نحو 25 من رجال القرية داخل حافلات، وطافوا بهم شوارع القدس، ثم أعدموهم رمياً بالرصاص، كما منعوا المؤسسات الدولية في ذلك الوقت، بما فيها الصليب الأحمر من الوصول إلى موقع الجريمة للوقوف على ما حدث على أرض الواقع.

نتائج مجزرة دير ياسين

وحشية العصابات الصهيونية ودمويتها في مجزرة دير ياسين كانت سبباً في تهجير آلاف الفلسطينيين من أرضهم إلى مناطق أخرى من فلسطين أو البلدان العربية المجاورة، وبعد المجزرة استولى الصهاينة على القرية، وفي عام 1980 أقام الاحتلال وحدات استيطانية فوق المباني الأصلية للقرية، وأطلق أسماء عصابات الـ “أرغون” و”إتسل” و”البالماخ” و”الهاغاناه” على أماكن فيها.

وفي تصريح لمراسل سانا أوضح منسق دائرة اللاجئين في القوى الوطنية الفلسطينية محمود خلف أن عصابات المستوطنين التي ارتكبت مجزرة دير ياسين هي نفسها التي ترتكب الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة حتى اليوم، وهدفها طرده وتهجيره من أرضه، مشيراً إلى أن مجزرة دير ياسين سبقت مباشرة النكبة الفلسطينية التي تم فيها تهجير أكثر من 950 ألف فلسطيني عن قراهم ومدنهم، وتحولوا إلى لاجئين في المخيمات، ووصل عددهم اليوم إلى أكثر من ستة ملايين لاجئ، موزعين في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر والشتات، وينتظرون حق العودة إلى ديارهم وفق القرار الأممي 194.

وأكد خلف أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تكريس وجوده الاستعماري على الأرض الفلسطينية من خلال ارتكاب المجازر بحق أصحابها الحقيقيين وهدم منازلهم وممتلكاتهم والاستيلاء على أراضيهم وتهجيرهم قسرياً، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني مستمر بالنضال والمقاومة والتشبث بأرضه، وسيقدم كل التضحيات حتى دحر الاحتلال وتحرير فلسطين.

بدوره لفت عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني طلعت الصفدي إلى أن الاحتلال يرتكب المجازر في محاولة لإلغاء الوجود الفلسطيني، لكنه فشل بسبب صمود الفلسطينيين على أرضهم وتمسكهم بحق العودة وتقرير المصير، ورفضهم كل المخططات التي تهدف إلى تصفية قضيتهم العادلة، مطالبا المجتمع الدولي بالتوقف عن سياسة الصمت والإدانة ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه المستمرة.

رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي أشار إلى أن مجزرة دير ياسين في القدس تعد واحدة من أكثر المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية الدموية، وتم فيها التمثيل بجثث الأطفال والنساء في عملية تطهير عرقي كان الهدف منها تهجير الفلسطينيين عن أرضهم.

وبين عبد العاطي أن المجزرة جزء من عملية إبادة جماعية لازالت مستمرة بحق الشعب الفلسطيني، حيث ارتكب الاحتلال منذ النكبة حتى الآن مئات المجازر التي تصنف كجرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وفق قواعد القانون الدولي، مشيراً إلى أنه طالما استمرت ازدواجية المعايير الدولية التي يتم التعامل بها مع الاحتلال سيرتكب المزيد من الجرائم لغياب المساءلة والمحاسبة، مطالباً ببدء مسار قانوني دولي جاد لمعاقبة وملاحقة مسؤولي الاحتلال على جرائمهم.

مسؤول الإعلام في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب أكد أن مجزرة دير دياسين هي جزء من الذاكرة الفلسطينية التي لن يطويها تتابع الأيام والأزمنة، وآثار الجريمة لا تزال حاضرة لا تنتهي، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني لن ينسى فصول الحرب والعدوان الصهيوني الذي بدأ بجريمة التهجير، مروراً بالمحارق والمجازر التي ارتكبت ولا زالت ترتكب بحقه، وصولاً إلى ما يجري اليوم من استيطان وتهويد وقتل واعتقال وتدمير.

وقال شهاب: أمام كل هذا العدوان الإسرائيلي البشع يقف الشعب الفلسطيني صامداً لا يهتز ولا يتزحزح قيد أنملة عن حق من حقوقه أو ثابت من ثوابته، وأبناؤه يستبسلون في ساحات القتال والمواجهة يشتبكون مع العدو ويتسلحون بالحق في مواجهة الباطل مجدداً التأكيد على أن مقاومة الاحتلال لن تتوقف إلا بزواله وطرده.

من جانبه أشار المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع إلى أن كيان الاحتلال قام بارتكاب المذابح والمجازر بحق الشعب الفلسطيني وممارسة سياسة التهجير والإبعاد عن أرضه، في محاولة يائسة لن تمنحه أي سيطرة على شبر من أرض فلسطين التاريخية وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى، موضحاً أن مرور 75 عاماً على مجزرة دير ياسين وغيرها من المجازر الصهيونية المستمرة والمتصاعدة لم ولن تفلح في ثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة صموده وثباته على أرضه ودفاعه عن القدس والأقصى.

وشدد القانوع على أن المعارك التي خاضتها وتخوضها المقاومة والعمليات البطولية التي ينفذها الشباب الفلسطيني في كل ساحات الوطن، وحشود المرابطين والمعتكفين في بيت المقدس وأكنافه ما هي إلا دليل على أن الفلسطينيين ماضون في طريق المقاومة حتى استعادة الحقوق وتحرير الأرض والمقدسات وتحقيق العودة إليها.

محمد أبو شباب

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

74 عاماً على مجزرة دير ياسين.. جرح فلسطيني نازف وتاريخ يأبى النسيان

القدس المحتلة-سانا فجر التاسع من نيسان عام 1948 ارتكبت عصابات الإرهاب الصهيونية “الأرغون وشتيرن” مجزرة …