معارك آل سعود.. خبط عشواء في الداخل والخارج- صحيفة البعث

يعرف نظام آل سعود أن ما قاله “باراك أوباما” عن أن “المخاطر التي تتهدد دول الخليج ليس هجوماً محتملاً من إيران بل هي سخط الشباب وإحساسهم بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم” هو عين الحقيقة، لذلك، وعلى طريقة عليّ وعلى أعدائي، يطلق آل سعود نيرانهم ضد الداخل والخارج معاً، في دليل واضح على انعدام خياراتهم السياسية، وخاصة إثر خسارتهم معركة “هندسة النظام الإقليمي الجديد”، بعد الاتفاق ـ الزلزال، كما وصفه روبرت فيسك، بين إيران والغرب.

فبعد “غزوة اليمن”، جاء دور “غزوة الداخل”، وفيما كانت الصواريخ “الذكية” طريق “آل سعود” “لتحرير” اليمن من شعبه، جاء الرصاص الحي وإحراق منازل المواطنين الآمنين طريقاً موازياً “لتحرير” الشعب في “العوامية” وسواها، من توقه المشروع إلى فتح كوة صغيرة للحرية في جدار مملكة الظلام الدائم، كي يطل منها على عالم القرن الحادي والعشرين.

والحق فإن “المملكة” هي “الأكثر نجاحاً في تدمير المنطقة”، بحسب “الاندبندنت”، ولتحقيق هذا “النجاح”، ونظراً للقرابة في المنطلقات الفكرية والأساليب السياسية، لم تجد “المملكة” سوى تنظيم “القاعدة” بوجهيه، “النصرة” و”داعش”، كي يشكل “قواتها البرية” التي تتقدم تحت غطاء “عاصفة الإرهاب” في العراق وسورية، و”عاصفة الوهم” في اليمن، ويمكن، في هذا المجال، سؤال سكان “المكلا” و”حضرموت” عن القنابل “الذكية” التي تقتل الشعب والجيش، وتستثني جحافل “القاعدة” وقطعانها المجرمة.

وكالعادة فإن معركة “هندسة النظام الإقليمي”، كما يخوضها آل سعود، تحتاج إلى مساندة بالقصف المدفعي الثقيل من سلاح الفتاوى التكفيرية الوهابية، وقصف إعلامي من وسائل إعلام “الدمار الشامل” المعروفة، ففيما سارعت “هيئة كبار العلماء السعودية” إلى اعتبار قتل اليمنيين العزل “جهاداً في سبيل الله”، وهذا، للمناسبة، دأبها في كل قتلٍ للعرب والمسلمين، بادرت فضائياتهم، التي خبر السوريون قدرتها على القتل، بإنجاز ما تجيده من تزوير حقائق، وفبركة صور ومشاهد، في وقت أُغلِقَ مجال البث أمام “فضائيات” اليمن، كما حدث في ليبيا وسورية، وأكثر من ذلك، دخل سفير مملكة “آل سعود” في بيروت “مفتياً” بأنه “جاء وقت أن تقف، صحيفة لبنانية، عند حدها”، فيما كانت حملة إعلامية سياسية و”مذهبية” رخيصة، بالتوازي مع منع برنامجه من البث، من نصيب إعلامي مصري شهير، لمجرد أنه، قال: إن “السعودية منبع الإرهاب والتطرف” في المنطقة.

وبالطبع فإن هذا القصف التكفيري والإعلامي هو محاولة واضحة لقطع الطريق على تبلور مسار عربي تنويري معاكس بالطبيعة للمسار الظلامي الوهابي، في حالة الصحيفة اللبنانية، وطمس أي أثر، في حالة الصحفي المصري، يستلهم ولو من بعيد، تراث الحقبة الناصرية، التي هي التعبير المصري السياسي الأمثل، بعد مرحلة محمد علي، عن حقيقة أن أمن مصر القومي لا يمكن له أن يتحقق في وجود “آل سعود” الملتزمين، تاريخياً، سياسة العداء للأمن القومي العربي بأسره.

إنها معركة لم ولن يتورع آل سعود من استخدام أي سلاح فيها، لأنها، كما يبدو، أبعد من مسألة نظام إقليمي جديد، بل هي معركة وجود مادي لأسرة لا يستقيم وجودها سوى بالفوضى والجهل والتبعية المطلقة للخارج، وهي تستشعر اليوم أن الرياح، التي طالما كانت تناسب حركتها، تتبدل، فإيران التي حاصرتها، “مملكة القهر” وحلفاؤها، بعواصف المذهبية والعقوبات، تخرج من حصارهم لاعباً دولياً مرموقاً، ودمشق، التي أُعلِنتْ عليها، بمشاركة المملكة الفاعلة منذ أكثر من أربع سنوات، “عاصفة الإرهاب” لإسقاطها، بدأ العالم، بمسؤوليه ووسائل إعلامه المؤثرة، يعترف بأنها شريك ضروري في مكافحة الإرهاب، وبدأت “عاصفة الحل السياسي” فيها، جولتها الجديدة في موسكو، ما يعني، بالمحصلة، أن “عاصفة الحق” قادمة، وأن “خبط عشواء” آل سعود ليس سوى دليل من دلائل اقتراب هبوب رياحها المنتظرة منذ نحو قرن كامل.

بقلم: أحمد حسن

انظر ايضاً

خارج السياق الإنساني.. داخل سياق الغابة.. بقلم: أحمد حسن

بالتأكيد لم يكن العدوان الإسرائيلي الأخير على دمشق خارج السياق الحالي، كما “يحلّل” البعض، بل …