الشريط الإخباري

سياساتُ التصعيد والعرقلة.. بقلم: شوكت أبو فخر

المتابع للتطورات السياسيّة في المنطقة، وتحديداً الاجتماعات والقمم المختلفة التي شهدها العام المنصرم، لا بد من أن يخرج بوجهة نظر تشي بتبلور تفاهمات سياسيّة جديدة أو الرغبة فى بلورة وتعزيز تفاهمات قائمة، وكذلك أشكالٌ مختلفة من التعاون بين الأطراف ذاتها بصيغ عدة.

وهذا لا يعني قطعاً أن المشكلات قد حلّت، أو أن حدة لهيب الصفيح الساخن الذي تتقلّب عليه المنطقة، من جراء الأزمات والنزاعات والحروب قد خفت ، بل يمكن القول إننا في حالة تجاذب بين ديناميتين متناقضتين: واحدة تعكس اتجاهاً لبلورة تفاهمات واحتواء الخلافات والنزاعات والعمل التدريجي عبر دبلوماسية متعددة الأشكال والأوجه على تسويتها أو في مرحلة أولى لمنع تصعيدها، وتمثلها روسيا والعديد من الدول التي تعمل لنزع فتيل التوترات وتبريد الجبهات، ودينامية أخرى تعمل على التصعيد بين أطراف كلّ نزاع عبر «البلطجة»، أو عبر الخطاب السياسي والعناوين والمطالب التي تدفع وتؤدي إلى التصعيد، وتضع العصي في عجلات أيّ حل.

السياسات الأمريكية الخاطئة في العالم ومنطقتنا، وفي سورية خاصةً هي خير مثال على الحالة الثانية، إذ لم تدّخر واشنطن وسيلة إلا واتبعتها لزعزعة الأمن والاستقرار في سورية، وتدمير المنجزات التنموية التي تحققت على مدى عقود، وهذا السلوك الهدام هو الذي أوصل ملايين السوريين إلى حالة انعدام الأمن والاستقرار، وحوّل جزءاً كبيراً منهم إلى لاجئين ونازحين، وأفقدهم الأمن الغذائي.

وفي هذا السياق، يمكن قراءة إصرار واشنطن وبعض الدول على نمط المناقشات المتكررة لمجلس الأمن في كل شهر بشأن سورية، من دون وجود أي تطورات تستدعي ذلك، وهذا يؤكد عدم اكتراثها بالحفاظ على وقت المجلس وموارده والحاجة إلى تكريسهما لخدمة وظيفته في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، بل حرصها على استغلاله لتكرار حملات الكذب والتضليل ضد سورية، وتوجيه اتهامات لا أساس لها.

قد يكون مفيداً التذكير مرةً أخرى، بأن تعمد الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين فرض إجراءات قسرية أحادية غير شرعية على سورية، قد فاقم معاناة شعبها، إضافة إلى استهداف القطاع الصحي الذي يقدم الرعاية الصحية لملايين المواطنين، بما فيه مشافي الأطفال التخصصيّة عبر قيام ما يسمى مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية بفرض قيود على بيع التجهيزات أو تقديم الخدمات أو الدعم أو قطع الغيار لعدد كبير من المشافي السورية العامة والخاصة، الأمر الذي يعرض حياة ملايين السوريين للخطر، بينما واشنطن وآخرون يزعمون أن هذه الإجراءات لا تطول المجال الصحي.

استغلال وتسييس الأنشطة الإنسانية، والضغط والابتزاز للهيئات الدولية، أمر بات مفضوحاً، وينتهك الاتفاقيات الدولية الناظمة لعمل هذه الهيئات، ولا شك في أن مثل هذه السياسة خطر على المجتمع الدولي برمته، وليس على سورية وحدها، لأن ما يحصل في مجلس الأمن، مروراً بكل الساحات الملتهبة، هو خطر محدق بالنظام الدولي، إذ لا سلام مع قطب وحيد يسعى لتكريس الهيمنة وفرض أجنداته على العالم كله.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

ما يدعو إلى العار.. بقلم:شوكت أبو فخر

بعد مرور عقدين على غزو العراق، مازالت هذه الجريمة بمثابة الكارثة التي تؤرق -ليس العراق …