أوكرانيا.. مختبر التجارب العسكرية الأمريكية وحقل الرمي لأسلحة الغرب

دمشق-سانا

تستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بادعاء حرصهم الدائم على الشعب الأوكراني، متخذين من ذلك مبرراً لاستمرارهم بضخ الأسلحة لنظام كييف، بينما هم يتخذون من الأراضي الأوكرانية حقل تجارب ومختبراً لاكتشاف مدى نجاعة أسلحتهم الجديدة والمطورة من جهة، ولجعل أوكرانيا سوقاً لتصريف أسلحتهم القديمة من جهة أخرى، وفق ما أكدته العديد من التقارير الإعلامية الغربية.

مواد إخبارية وتصريحات عديدة كشفت دعم الدول الغربية للنازية الجديدة في أوكرانيا، والتي لا تأتي فقط بهدف تهديد الأمن الروسي ومواجهة موسكو كما تدعي هذه الدول، بل أيضاً لاختبار أسلحتها ذات الإصدارات الجديدة أو المحدثة أو لتصريف أسلحتها القديمة، ولا سيما الصواريخ الموجهة متوسطة المدى والصواريخ فرط الصوتية ومنصات إطلاق الصواريخ والأنظمة التكنولوجية والمعلوماتية، وللتأكد من مدى فعالية تلك الأسلحة في المعارك الميدانية على أرض الواقع.

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ذكرت في تقرير لها صادر مؤخراً أن أوكرانيا أصبحت بالنسبة للدول الغربية أفضل ساحة لاختبار الأسلحة والأنظمة الجديدة الأمريكية والأوروبية المحدثة من إصدارات قديمة، بهدف معرفة نجاعتها كالصواريخ الألمانية (إيريس تي) ومنظومات (أفينغر إم) الأمريكية، وبرنامج (دلتا) الذكي والمعلوماتي للإنذار المبكر.

وكشف التقرير أن الغرب وجد في الأزمة الأوكرانية فرصة لتجربة نظام (سكاي وايبرس) الألماني المضاد للطائرات والقوارب الانتحارية التي يتم التحكم فيها عن بعد، ولاختبار منظومات (هيمارس) وأقمار صناعية لشركات خاصة مثل شركة (سبيس أكس)، لإمداد كييف بالمعلومات وتنفيذ عمليات الاستطلاع.

وقالت الصحيفة: إنه في ظل الطلب الأوكراني الكبير على الأسلحة والقذائف، وعدم تمكن صانعي الأسلحة في الولايات المتحدة من تأمين ذلك، قررت وزارة الدفاع (البنتاغون) إرسال آلاف القذائف من مستودعات الطوارئ التابعة للولايات المتحدة، والتي خزنتها لدى (إسرائيل)، فأخذت منها لتعويض النقص، وتم الاتفاق على نقل نحو 300 ألف قذيفة من عيار 155 مم من تلك المستودعات إلى أوكرانيا.

ما كشفه تقرير نيويورك تايمز أكدته شبكة (سي إن إن) الأمريكية، وهو أن واشنطن تدرس في المرحلة القادمة تحديث طائراتها المسيرة من نوع (غراي إيغل)، لتسليمها لنظام كييف، إضافة إلى قيامها باختبار طائرات دون طيار من طراز (سويتش بليد 300)، والصاروخ المصمم لاستهداف أنظمة الرادار، كما أكد ضباط من قسم العمليات العسكرية الأمريكية أن “الحرب في أوكرانيا مصدر رائع للبيانات” وفق الشبكة.

ما نشرته (سي إن إن) دفع مدير مركز الدراسات العالمية والعلاقات الدولية في الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية فاديم كوزيولين للتعليق عليه بقوله: “من المدهش أن تقوم شبكة (سي إن إن) بتقييم المعدات العسكرية الغربية علانية وبطريقة سلبية، وألا تتردد في وصف أوكرانيا بأنها مختبر عسكري”.

وأوضح كوزيولين أن الحرب الأوكرانية جاءت فرصة لتواصل واشنطن اختبار التقنيات الجديدة تماماً وتقنيات الجيل الماضي، حيث إن المعلومات التي تأتي من كييف إلى واشنطن لا تقدر بثمن، لافتاً إلى أن أوكرانيا باتت بالفعل مختبراً وحقلاً للرمي للولايات المتحدة.

الغرب الذي لا يفوت فرصة دون استغلالها لمصالحه حتى الرمق الأخير لم يكتف بتحويل أوكرانيا إلى حقل تجارب، وإنما أيضاً وجد فيها سوقاً رائجاً لأسلحته القديمة أو منتهية الصلاحية، كما جاء على لسان سفير النظام الأوكراني في بريطانيا فاديم بريستايكو، حيث قال: إن “معظم الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا من الغرب قديمة نسبياً وبعضها منتهي الصلاحية”، معتبراً في تصريحه لمجلة نيوزويك الأمريكية أن جزءاً من الأسلحة التي يوردها الغرب لأوكرانيا قديمة، ويريد التخلص منها، وهو الأمر الذي أكده مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون لموقع (نيوز وورد)، حيث تبين أن ثلث مدافع الهاوتزر غربية الصنع والبالغ عددها 350، وتم التبرع بها إلى كييف قد توقف عن العمل.

وبينما تحتدم المعارك في الجبهات الأوكرانية تستمر الولايات المتحدة والدول الأوروبية بتأجيج الأزمة فيها، من خلال إرسال دفعات جديدة من الأسلحة لنظام كييف، حيث أعلنت الحكومة البريطانية عزمها تسليم 14 دبابة من طراز تشالنجر2، وأسلحة ثقيلة أخرى خلال الأسابيع المقبلة، بينما تعتزم واشنطن تزويد نظام كييف بعربات قتالية من طراز (برادلي) مزودة بمدفع عيار 25 مم، وصواريخ خارقة للدروع، كما ستزودها فرنسا بمركبات قتالية مدرعة خفيفة من طراز (إيه إم إكس10 آر سي) مزودة بمدفع من عيار 105 مم، وهو الأمر الذي لفتت إلى خطورته وزارة الخارجية الروسية، معتبرة أن قرار زيادة ضخ الأسلحة الغربية إلى نظام كييف سيفضي إلى المزيد من الضحايا، وهو استفزاز وتصعيد خطير للصراع في أوكرانيا.

يذكر أن العديد من المظاهرات الاحتجاجية الشعبية بدأت بالخروج في برلين ووراسو وغيرها من المدن الأوروبية، احتجاجاً على هذا التصعيد الذي تتبعه حكومات بلادهم، مطالبين بإيقاف ضخ الناتو للأسلحة باتجاه أوكرانيا، ومحاولة التفاوض مع روسيا لحل الأزمة الأوكرانية واعتماد الدبلوماسية بدلاً من تزويد نظام كييف بالدبابات والأسلحة الثقيلة.

فهمي الشعراوي

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

مستنقع الفشل الأمريكي في أوكرانيا

واشنطن-سانا مأزق سياسي دخلت الولايات المتحدة فيه بإرادتها وبإصرار مستمر منها في محاولة