رحلة أوتار العود بين أنامل المؤلف والعازف السوري كنان أدناوي

دمشق-سانا

بأنغامه الساحرة تحدثت الموسيقا وسافرت عبر مقاماته في عوالم الحب والشغف والإبداع والمتعة إلى مسارح عالمية، ضمن حكاية عشق لأوتار شجية عزفت ألحانا شرقية وغربية بمزيج فريد من نوعه يحاكي الأذواق الفنية على اختلافها، هو العود الدمشقي بين أنامل المؤلف والعازف السوري كنان أدناوي.

أثار أدناوي الجدل في عالم الإبداع الموسيقي وتطبيقه عمليا عندما انتهج مساراً مختلفاً في العزف على العود الدمشقي الذي كان اختصاصه في دراسته الأكاديمية ليجعل منه آلة شرقية تعزف ألحاناً غربية، وتمتزج بآلات موسيقية مختلفة عن طابعه المعهود في حفلات موسيقية على مسارح عربية وغربية.

وقدم مؤلفات موسيقية خاصة من صنعه، حولت عازف العود من (صولو) عازف منفرد كلاسيكي إلى عازف مبدع قادر على تأدية أنواع موسيقية مختلفة مدمجة مع آلات عربية، وكذلك آلات غربية مثل الكلارينيت والهارب والسيكسيفون والأورغن، ما أكسب الفرق الموسيقية صوتاً إضافياً وأداءً مختلفاً ومميزاً على مستوى الأوركسترات التي عزف معها، وهذا ما أوضحه أدناوي في حوار مع مراسلة سانا.

وبين أدناوي أن الدراسة الأكاديمية قدمت له قيمة مضافة تقنياً وفنياً ما خلق لديه روحاً إبداعية تجسدت في مشروعه الارتجالي المتضمن ألحاناً موسيقية متنوعة، ومع فرق وأوركسترات تعزف الجاز وغيرها من الموسيقا العالمية في الهند والمغرب ومصر والنمسا والبلقان والولايات الأمريكية.

واستعرض أدناوي منجزه الفني المتضمن الألبوم الموسيقي الذي أطلقه مؤخراً بعنوان “أورا” قدم من خلاله مقطوعات موسيقية كلاسيكية على آلة العود بكل خصوصيتها الشرقية الموروثة، كما ترنمت أوتار عوده بمقطوعات حوارية ارتجالية مع آلات غربية ذات إمكانيات موسيقية كبيرة لتتناغم ألحانه الوترية الشجية مع أصوات موسيقية ضخمة مثل الأورغن.

وكذلك امتزجت نغمات العود مع آلة الهارب في تجربة مميزة مع الموسيقية القديرة رهف شيخاني، وأيضاً قدم حواراً جميلاً مع آلات هندية ومع البيانو والكلارينيت، ما ساهم في سفر العود الدمشقي إلى مسارح غربية وعربية، لينافس حضوره العديد من الآلات الموسيقية، كما أنهى المراحل الأخيرة لألبوم موسيقي جديد سوف يصدر قريباً بمجموعة من القطع السماعية والتقاسيم الارتجالية.

(العود جزء مهم من شخصيتي ورافقتني ريشته منذ نعومة أظافري)، بهذه الكلمات لفت أدناوي إلى حالة التواصل الفكري والعاطفي التي تجمعه بأوتار العود، مشيراً إلى أن العزف بالنسبة له ترجمان للمشاعر والخلجات التي تعصف بفؤاده وحالة من الانسجام الحسي مع محيطه الذي خلق لديه شغفاً للحفاظ على النهج الثقافي السوري للعود، والعمل على تطويره بأشكال مختلفة جعلته حاضراً على بقاع واسعة من الأقاليم.

وذكر المؤلف أدناوي أن التراث الموسيقي العربي بشقيه الغنائي والآلي يمكن أن يكون جسر تواصل بينه وبين الجمهور الشاب الذي يتقبل الموسيقا بشكل فعال، مؤكداً أن مهمة العازف الآن صارت كبيرة، لأن عازفي الآلات الشرقية اختلطوا بالبرامج التي يقدمها العازفون العالميون وتأثروا بهم، لذلك فالعازف حالياً قادر على أن يضع الآلة التي يقدمها في المكان الذي يناسبها وفي الإطار الصحيح.

وعن مسيرته ذكر أدناوي أنه ابن مدينة اللاذقية، ينتمي إلى عائلة موسيقية وكان شقيقه الأكبر معمر أدناوي أستاذه الأول، والذي تشرب من أنغامه العذبة حباً وشغفاً لأوتاره، فانتقل من هاو عبر مشاركاته بمهرجانات الشبيبة على مستوى سورية إلى متمرس أكاديمي عبر دراسته في المعهد العالي للموسيقا مع أساتذة متخصصين في العود والنظريات الموسيقية.

واشتهر بارتجالاته المنوعة على آلة العود، تخرج في المعهد عام 2008 ثم حصل على ماجستير بالموسيقا المعاصرة من جامعة بوستن الأمريكية عام 2016 وسرعان ما انضم إلى فرق وموسيقيين، وقدم معهم حفلات في أماكن مختلفة، لعل أبرزها فرقة (وجوه) للموسيقا الشرقية، والفرقة السيمفونية الوطنية.

ونال أدناوي العديد من الجوائز منها المركز الأول بمسابقة العود الدولية بجامعة الروح القدس عام 2009 بلبنان، والمركز الثاني في أيام قرطاج الموسيقية في تونس عام 2010، وحصل أيضا على المركز الأول بمسابقة العود الدولية في لبنان.

محاسن العوض

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency