معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى بقلم: هزاع عساف

كي لا يقال عنا لا نرى إلا السلبيات، وهمنا فقط نقد وملاحظات وما شابه، سنتحدث اليوم عن تشغيل الضواغط في معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى، هذا المعمل والإنجاز الوطني الذي قامت به وأنجزته خبراتنا الوطنية بكفاءة عالية وحس أعلى بالمسؤولية.

هذا المشروع الحيوي الذي انطلق في العام 2009 تعرض بعد سنتين إلى التفجير والإرهاب والاعتداءات الإرهابية المتتالية، إلا أن الإرادة والعزيمة والإيمان بالوطن لم تمنع الكوادر البشرية من إتمام عملها فيه؛ حيث يحتضن منشأة تمتد على مساحة 400 دونم ينتشر بين مساحاتها الجغرافية 600 عامل ما بين إداري وفني من جميع المحافظات، منهم من استشهد ومنهم من أصيب وما زال شاهداً حياً على كل ما حدث.

بعد ثلاثة عشر عاماً فيها الكثير من الأحداث والصور والمشاهد والكثير من الذكريات ومراكز اختيار الإرادات والثبات، وفي ظل واقع صعب جداً يضاف إليه الحصار إلى جانب الحرب، وجميع محاولات القتل والتدمير والخراب، أنت أمام 500 ألف متر مكعب من الغاز يومياً، تم الوصول إليها رغم كل ما ذُكر؛ حيث يكون لهذا الرقم معنى آخر ودلالات أخرى، وبالتأكيد نتائج أخرى، وهنا يسجل التاريخ قصصاً وروايات واقعية لأسمى معاني الإبداع والتميز وحب الوطن.

لم يكن معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى مكاناً ومساحة جغرافية كغيره من الأمكنة، بل كان حدثاً فريداً ولافتاً كأحداث أخرى في هذا الوطن الذي تعرض لأبشع أنواع الحروب والإرهاب؛ حيث أذهل العالم بصموده وثباته ومقاومته.

في معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى لم تكتف كوادره بمعالجة الغاز الخام المستجر من الآبار، وإنتاج السوائل الهيدروكربونية التي تشغل شبكات التوليد الكهربائية، إضافة إلى إنتاج الغاز المنزلي، والمعمل لم يبق على ما هو عليه من إنتاج، بل تمكن بخبراته وعماله على اختلاف توصيفهم من تطوير العمل وتثبيت معادلة جديدة في ظل واقع قاس استثنائي، فما كان إلا أن أطلق مشروع الضواغط الغازية بقيمة 80 مليون يورو، و2 مليار ليرة أنجز منها ضاغطان، ووضعا في الخدمة، ويجري العمل على وضع اثنين آخرين في الاحتياط ما يزيد كمية الغاز ويحسن الكهرباء.

مدير معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى المهندس فادي إبراهيم يبين أن المعمل يعالج الغاز الخام المستجر من الآبار، ويتم حالياً معالجة 5 ملايين متر مكعب من الغاز الخام يومياً، وينتج نحو 60 طناً من الغاز المنزلي، وكان خلال سنوات الحرب يعالج إلى 10,3 ملايين متر مكعب يومياً، رغم أن طاقته أقل من ذلك.

على أي حال هذه عينة وقصة من قصص كوادرنا البشرية في القطاع العام الذي كان وما زال وسيبقى الحامل الأول والأساس للاقتصاد الوطني والملاذ الآمن لأبناء الوطن، إلى جانب ما يقدم من خدمات أساسية، وخاصة خلال الحرب الإرهابية الظالمة التي حاولت أن تغير وجهته وأهدافه، لكن التجربة هذه وغيرها من التجارب الأخرى أثبتت ورسخت معادلة قهر الظروف أمام الإرادة، وأن الوطن لا يبنى إلا بسواعد وتكاتف أبنائه.

انظر ايضاً

دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي.. وحساب الربح والخسارة!… بقلم: جمال ظريفة

لا وصف لما منيت به السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة بعد الانخراط بالعدوان على غزة …