الأم في حوران الرابط الأساسي للعائلة

درعا-سانا

الأم في حوران الرابط الأساسي للعائلة ويقال في حوران عند حدوث الخلاف بين الأبناء “عيناك بالمحننات” والمقصود الأمهات القادرات بحكمتهن على حل أي خلاف على مستوى العائلة .

ولعيد الأم في حوران كغيرها من البلدان العربية والإسلامية طقوس خاصة اعتاد الأبناء على إحيائها عرفانا بالجميل بالرغم من أن الكثيرين يعتبرون أن الأم لا تحتاج ليوم واحد للاحتفال بعيدها لأن كل أيام السنة هي عيد للأم التي حملت وانجبت وربت وسهرت و كبرت وقدمت لأبنائها كل شيء دون كلل أو ملل .

ومن الطقوس المتبعة في حوران حسب سارة المحمد زيارة الأبناء للأم في هذا اليوم وخصها بالعديد من الهدايا الرمزية لتتابع الأم عطاءها اللامحدود بتحضير الولائم استقبالا لأبنائها مبينة أن الأبناء يقعون في الحادي والعشرين من آذار بحيرة في اختيار الهدية لأنها لا تفي الام جزءا بسيطا من حقها على حين أن الأم تبحث في مخيلتها عن أصناف الطعام المرغوب فيها لدى الأبناء بما يدخل الفرح والسرور إلى قلوبهم .

وتضيف أن بعض الأبناء باتوا يحضرون الكثير لهذا اليوم إضافة إلى الهدايا بإحياء حفلة موسيقية على مستوى العائلة باستخدام آلة العود مستذكرين الأغاني التي تحدثت عن الأم وعطائها كأغاني يا مو و ست الحبايب و يا أمي ياأمي الوفيه وغيرها .

ويروي أحمد الفارس أن هذا اليوم مهم جدا له لأنه فقد أمه قبل أن تشاركه الفرحة بنجاح أبنائه وتفوقهم الدراسي فيعمد إلى زيارة قبرها مصطحبا كل أبنائه واضعا إكليلا من الزهور ومحدثا أبناءه عن صفات أمه ومناقبها وسهرها عليه وعلى اخوته لحين حصولهم على أعلى الشهادات العلمية .

ويستذكر سمير سليمان قصة نجاحه التي كانت أمه العامل الأهم فيها مشيرا إلى أنه امضى أكثر من 15 عاما مغتربا يعمل في دولة عربية يرسل ما يحصل عليه من أموال إلى أمه التي كانت بدورها تنفقها على أبنائه الذين فقدوا أمهم مبكرا مبينا أن دخول البلد العربي في أزمة حرب دفعه إلى العودة للوطن الأم مصطحبا ملابسه فقط ليجد أمه قد ادخرت له الأموال الفائضة عن حاجتها وحاجة أبنائه ليشق طريقه مجددا في بلده بمشروع صغير استطاع من خلاله تأمين مستلزمات الأسرة .

ولم يخل التراث الحوراني من أمثال تمجد المرأة وتعترف بفضلها سواء أكانت أما أو أختا أو بنتا لقيمتها الكبيرة في المجتمع الحوراني ووقوفها إلى جانب الرجل في السراء والضراء وكما يقولون الأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها .

ويبين الباحث في أمور التراث لؤي الحوراني أن المثل تعبير عن وجهة نظر وهو خلاصة تجارب سابقة موضحا أن التراث يزخر بالكثير من الأمثال التي تتحدث عن الأم أهمها “قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي على الحجر” لأن اهتمام الأم دائما متجه نحو أبنائها على حين أن اهتمام الأبناء يتجه إلى أمور حياتية أخرى بعيدة عن الأم .

ومن الأمثال المتداولة في حوران حسب الباحث الحوراني وخاصة في حالات الزواج “طب الجرة على تمها بتطلع البنت لأمها” فالبنت نسخة أصلية عن أمها في الأخلاق والتربية والتعامل مع الآخرين ومنها أيضا “أخوي من أمي مثل الذهب بكمي” ويقصد بذلك أن من طلقت أمه وله أخوة من أمه لكن من أب آخر فإن الحنان متصل لأنه جزء من حنان الأم.

ولأن قلب الأم ليس كقلب شخص آخر فإن قلبها دليلها كما يقال في حوران فقلب الأم يقرأ الواقع ويستشرف المستقبل ويفزع عند حدوث مكروه لأحد الأبناء .

وبالتالي فإن الاحتفال بعيد الأم في الحادي والعشرين من آذار يأتي تكريما للأمهات وتعزيزا للروابط الأسرية بين الأبناء وأمهم وخاصة الأبناء الذين ابعدتهم مشاغلهم الحياتية عن زيارة الأهل إلا في المناسبات .

قاسم المقداد