وباء الأسلحة يحصد أرواح الأمريكيين وجماعات الضغط تدعم مصنعيها

دمشق-سانا

من المدارس إلى الأسواق وصولاً إلى الأماكن العامة كانت الأسلحة النارية خلال العقود الخمسة الماضية هي أداة الموت الرئيسية في أمريكا و”الوباء” الحاصد لأكبر عدد من الأرواح سنويا والذي كان آخر ضحاياه 19 طفلاً ومعلمتان بحادثة القتل الجماعي التي ارتكبها مراهق الأسبوع الماضي حين فتح النار في مدرسة روب الابتدائية بمدينة اوفالدي جنوب تكساس.

ففي عام 2020 وحده وهو العام الأخير الذي تتوفر بيانات كاملة ودقيقة عنه وفقا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها سي دي سي توفي أكثر من 45200 شخص في أمريكا بإصابات متعلقة بالأسلحة النارية فيما وقعت حالات إطلاق نار جماعية في أمريكا تتجاوز عدد الأيام منذ بداية عام 2022 حيث بلغت لغاية الشهر الماضي 250 حالة بينها 33 حادث إطلاق نار جماعي.

ورغم هذه الأرقام الصادمة التي جعلت الولايات المتحدة من الدول المتصدرة في عدد القتلى سنوياً نتيجة قانون حق امتلاك السلاح في البلاد الذي أدى إلى تفشي وباء العنف بين أوساط المجتمع الامريكي وتزايد جرائم القتل العمد الجماعي ما تزال لوبيات الضغط تعزز موقف شركات السلاح وتمنع تعديل القانون المتعلق بحيازة الأسلحة رغم تعالي الأصوات المطالبة بذلك.

وفيما شكلت حادثة تكساس ناقوس خطر دقته نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس مطالبة بفرض حظر على الأسلحة الهجومية توسل السيناتور الديمقراطي كريي مورفي لزملائه في مجلس الشيوخ لتمرير مشروع يقضي بتشريع يسيطر على السلاح ويمنع حدوث جرائم القتل ولا سيما في المدارس.. “في أي مكان بالعالم يذهب الاطفال للمدرسة للتعلم إلا في أمريكا يذهبون ليطلق عليهم النار” وفقاً لموقع BBC.

توسلات مورفي رافقتها تحذيرات أوردتها الإذاعة الوطنية الامريكية العامة حول انتشار السلاح في المجتمع الأميركي وما يرافقه من حوادث عنف مسلح ما يشكل تهديدا لحياة الأمريكيين ولا سيما الأطفال والمراهقين سواء كان ذلك ناجما عن أعمال عنف ترتبط بالأسلحة التي يتعرضون لها في أحيائهم أو بالانتحار أو الحوادث في منازلهم حيث لا تتم مراقبة الأسلحة.

وتصطدم كل تلك التحذيرات والدعوات دائما بحائط جماعة لوبي الأسلحة أو ما يعرف بالرابطة الوطنية ان ار اي الرافضة لحملات تقييد حمل السلاح والتي تعد واحدة من أقوى مجموعات الضغط المدعومة من قبل الحزب الجمهوري وذات الميزانية الأكبر في التأثير على أعضاء الكونغرس بشأن سياسة الأسلحة حيث أنفقت في عام 2020 نحو 250 مليون دولار بهدف دعم أهدافها وفقاً لموقع BBC.

وفي دليل على ارتباط السياسيين الأمريكيين وتورطهم بانتشار الاسلحة كشفت بيانات صادرة عن منظمة “اوبن سبكريتس” عن تقاضي الساسة الأمريكيين على مدار عقدين من الزمن أكثر من 172 مليون دولار من أجل المصادقة على قوانين وتشريعات لصالح شركات الأسلحة التي بلغ حجم صادراتها 138 مليار دولار وفرت منها 155 مليون دولار لدعم حملات انتخابية لمؤيديها من السياسيين.

ويرى الكاتب الأمريكي ديفيد فروم في مقال نشرته صحيفة أتلانتيك الأمريكية أنه يمكن تقليل الوصول إلى الأسلحة التي تحول الأيديولوجية إلى فظائع وجرائم بشعة مؤءكدا أنه لا يوجد أي بلد يعاني من وباء انتشار السلاح مثل أمريكا.

وتبلغ نسبة امتلاك المدنيين للأسلحة في الولايات المتحدة 5ر120 سلاحا ناريا لكل 100 مواطن وذلك في ارتفاع من 88 سلاحا لكل 100 شخص في عام 2011 وذلك في وقت أكدت فيه دراسة للمجلة الأكاديمية الأمريكية أن 5ر7 ملايين بالغ أمريكي أي أقل بقليل من 3 بالمئة من السكان أصبحوا مالكي أسلحة جددا لأول مرة.

وفي ظل الانقسام الداخلي بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي حول تعديل قانون حيازة الأسلحة تكاد تصبح أعداد الوفيات الناجمة عن الأسلحة النارية علامة مميزة للحياة في الولايات المتحدة بإجمالي بلغ نحو 5ر1 مليون قتيل بين الفترة الممتدة من 1968 إلى 2017 وهو الرقم الذي يتجاوز بكثير أعداد قتلى الصراعات الأمريكية المختلفة حول العالم بحسب مراقبين.

فهمي الشعراوي

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency