دمشق-سانا
في وقت لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تطالب حلفاءها الأوروبيين بالاستغناء عن الغاز والنفط والفحم الروسي تاركة القارة الأوروبية في حالة تخبط لعدم إمكانية الاستغناء عن الطاقة الروسية نراها حتى الآن تواصل تجاهل اتخاذ قرارات فورية ضد اليورانيوم الروسي الذي يشكل النسبة الأكبر كمصدر طاقة لنحو 96 محطة لإنتاج الطاقة النووية الأمريكية وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.
ففي الوقت الذي تجاهد فيه الدول الأوروبية لإيجاد حلول للمأزق الذي وضعت نفسها به جراء حزمة العقوبات التي فرضتها على موسكو على خلفية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ولاسيما على قطاع الطاقة من النفط والغاز تجد واشنطن نفسها أيضاً في مأزق أكبر يتمثل في تأمين واردات اليورانيوم المخصب لتشغيل الطاقة النووية النظيفة لديها في ظل تبوؤ روسيا المراكز الأولى عالمياً في مجال تصديره.
فأمريكا تعد أكثر الدول استهلاكاً لعنصر اليورانيوم بحجم 19.16 ألف طن سنوياً تغطي 20 بالمئة منها الكهرباء في عموم الولايات المتحدة الأمريكية التي تزداد الضغوط عليها في هذا الملف لأنها تحصل على نحو 30 بالمئة من اليورانيوم المخصب من اثنين من حلفاء روسيا هما كازاخستان وأوزبكستان وفق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وفي إطار ورقة الضغط الروسية هذه توقع عالم الذرة الروسي إيغور إستروفيتس أن يكون وقف تصدير روسيا لليورانيوم المخصب بمثابة الكارثة على واشنطن في مجال الطاقة لأن الولايات المتحدة ليست لديها المحطات الحرارية البديلة للمحطات النووية مثل اليابان.
وفي حال استخدام روسيا لورقتها الرابحة المؤجلة فإن أمريكا لن تكون الوحيدة في هذا المأزق حيث سيضاف مصدر قلق جديد وهاجس آخر على كاهل دول الاتحاد الأوروبي جراء “السلاح الروسي” المرتقب الذي قد تستخدمه موسكو في مواجهة العقوبات الغربية وهو ما حذرت منه وكالة بلومبيرغ في تقرير لها حيث قالت: “إن أوروبا ستواجه في حال استمرارها في العقوبات الاقتصادية على روسيا مشكلة كبيرة تتمثل بالإخفاقات المتعلقة بالطاقة النووية النظيفة ما يجعل هناك استحالة بأن تدير أوروبا ظهرها لروسيا ولاسيما أن 40 بالمئة من توريدات اليورانيوم إليها تأتي من روسيا”.
وما حذرت منه وكالة بلومبيرغ أكدته قناة إن تي في الألمانية بالقول: “إن الاتحاد الاوروبي يستخدم اليورانيوم المخصب أكثر من اعتماده على الغاز” معتبرة أن المحطات الكهروذرية الأوروبية لن تتمكن من تخطي الأمر دون إلحاق أضرار جسيمة في حال أغلق صنبور اليورانيوم الروسي ما يهدد إمدادات الطاقة الكهربائية في دول بأكملها.
ويعزز تلك المخاوف الغربية أن “روس أتوم” الروسية تعد أكبر شركة في العالم مختصة ببناء المفاعلات النووية وتخصيب اليورانيوم وتنتج تقريباً 35 بالمئة من اليورانيوم المخصب بالعالم ما يجعلها عملاق هذه الصناعة بنسبة صادرات إلى الولايات المتحدة تبلغ نحو 20 بالمئة وإلى أوروبا بنسبة 40 بالمئة من حاجاتهما من اليورانيوم المخصب إضافة إلى امتلاكها قرابة 18 مفاعلاً نووياً في بلدان الاتحاد الأوروبي.
خبراء في الطاقة أكدوا لسكاي نيوز أن إقدام روسيا على وقف توريد اليورانيوم سيقوض إمدادات الطاقة الكهربائية في الدول الغربية وأميركا موضحين أن ذلك ما دفع واشنطن للإحجام حتى الآن عن حظر واردات الطاقة النووية من روسيا رغم دخول العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا شهرها الرابع وذلك لأنها لن تستطيع الاستمرار في تشغيل محطاتها النووية أكثر من سنة إن تم إيقاف صادرات اليورانيوم الروسي إليها.
ورقة اليورانيوم التي قد تضطر روسيا إلى استخدامها ستجبر فرنسا وهي أحد أكبر منتج للطاقة الذرية في أوروبا على الاستعانة بمخزونها من الغاز واستهلاكه للحفاظ على الأضواء “إنارة المنازل” حيث حذر الخبير نيكولاس لوكلير المؤسس المشارك لشركة “أومنغي” الاستشارية المتخصصة بالطاقة ومقرها باريس من أن موضوع اليورانيوم بات يشكل تهديداً للتوازن الأوروبي بأكمله “لدينا مشكلة فرنسية تحدث في الوقت الخطأ بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي قد يكون التوازن الأوروبي بأكمله مهدداً”.
ويبلغ إنتاج روسيا من اليورانيوم الطبيعي قبل التخصيب نحو 2846 طناً سنوياً ما يجعلها بالمرتبة السابعة عالمياً في استخراجه والأولى في تخصيبه وتصديره ما يجعل واشنطن “تبتلع السكين على الحدين” في وقت لا يستبعد المراقبون فيه أن يتحول اليورانيوم إلى سلاح لا يمكن مواجهته بيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال أمعنت واشنطن وحلفاؤها بالعقوبات الاقتصادية على موسكو.
فهمي الشعراوي
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency