هكذا أطلقت عليه واشنطن عندما أسسته في العراق أولاً، وساعدت بتمدده في سورية والمنطقة لاحقاً، لأنه، أي تنظيم “داعش” المتطرف، خير من يخدم مصالحها، وأفضل وسيلة لتنفيذ أجنداتها في المنطقة، ومخططات الكيان الإسرائيلي معها، تحت ستار محاربة الإرهاب.
مثل هذا التوصيف ليس من بنات أفكارنا، ولا هو محاولة لشيطنة أميركا، فسياستها في منطقتنا لا تحتاج إلى شيطنة، لأن “الشيطان الإرهابي” يكمن بكل تفاصيلها، بل هو حقيقة اعترفت بها صحافة أميركا قبل غيرها، وكلنا يذكر كيف أقرّت صحيفة “ديلي بيست” مرة بأن وجود التنظيم إياه بات ضرورة ومصلحة أميركية، وكيف اعترفت على صدر صفحاتها، وبحبر صحفييها وكتابة بنانهم وأقلامهم، أنه بات حاجة ملحة لواشنطن، ألم تصفه بذات المقال بـ”منجم الذهب”؟ ألم تقل حرفياً: “بينما يمثل داعش كارثة على الشرق الأوسط، فإنه شكّل منجم ذهب لواحدة على الأقل من الشركات الأميركية”؟
اليوم تهريب الدواعش من سجون الحسكة، المحصنة جداً، وذات الأسوار المحكمة جداً، والحماية المثالية جداً، والأبواب المغلقة بالأقفال الإلكترونية، يشي بالكثير، فكيف يهرب “النزلاء” المتطرفون فجأة من فوق كل هذه التحصينات؟ وكيف تقوم “قسد” الذراع الأخرى لأميركا بإتمام العملية؟ وكيف تبدأ الدعاية التضليلية بأن طائرات الاحتلال تطارد الفارّين؟ وكيف يشاهد العالم أحدث “الموبايلات” بين أيديهم؟ أليست هي لعبة من صنّعهم، ووجد لهم، وبسرعة البرق، مكاناً أكثر تحصيناً من سابقه، ثم بدأ يروج أنه يقصفهم؟، وبمعنى أدق أليست العملية لغاية في نفس بايدن وإدارته؟
لنعد إلى الوراء قليلاً لنكتشف الإجابات الوافية عن كل هذه الأسئلة والاستفسارات، فبعد تمدد الدواعش، ونشرهم الفوضى الهدّامة في مدن سورية وقراها، وتدميرهم للبشر والحجر والمؤسسات، سارعت واشنطن لحمايتهم لصالح مخططاتها الاستعمارية، مدعية في الظاهر أنها تحاربهم، وفي السر دعمتهم بكل السبل، مالاً وإعلاماً وأسلحة، وكانت طائراتها الحوامة تنقل متزعميهم من كل مكان يحاصرهم فيه الجيش العربي السوري، أو يدحرهم، إلى قواعدها العسكرية غير الشرعية، و”التنف” خير شاهد.
أميركا، وبكل وقاحة، لم تخفِ الأمر حتى على العالم، فـ”هيلاري كلينتون” كتبت في مذكراتها كل شاردة وواردة عن عملية التأسيس التي قامت بها “سي آي إيه”، وإعلام البيت الأبيض أقرّ غير مرة أن استمرار “التهديد الداعشي” في “الشرق الأوسط” يجعل من دول المنطقة مستهلكاً كبيراً للسلاح، ويجعلها مشتعلة على الدوام، ويجعلها سوقاً مهماً، إن لم يكن الأهم، لتصدير السلاح والمتطرفين إلى دول العالم الأخرى المنكوبة بالسياسات الأميركية، ونضيف على ذلك اليوم أن إدارة بايدن تريد تعويم “الدواعش” وإعادة إنتاجهم، وتدويرهم، لمزيد من السيناريوهات الهوليوودية في سورية، وربما لتصديرهم إلى أمكنة أخرى، فكازاخستان وأوكرانيا على صفيح أميركي ساخن، وتحتاجان إلى مثل هذه المسرحيات أيضاً!.