خطط مترادفة.. بمرونة الانتقال

بعد موافقة مجلس الأمن على قرار قطع مصادر التمويل عن تنظيمي «داعش» و«النصرة» باستهدافه المصادر الرئيسة لتمويلهما, وهي عمليات التصدير غير القانونية للنفط، وبيع الآثار المسروقة، والحصول على أموال فدى مقابل الرهائن، مع مطالبة الدول  الداعمة بعدم الإسهام في تمويل التنظيمات المسلحة.. يتوقف المتابعون عند موضوع الآثار السورية المسروقة وقبلها الآثار العراقية التي بدأت تشير الصحف الغربية صراحةً إلى أولئك الوسطاء الذين يبيعونها إلى أثرياء الخليج، وكيف بات هؤلاء يحققون أرباحاً طائلة من تدمير حضارات عمرها آلاف السنين, ويجنون ملايين الجنيهات الإسترلينية من تجارة التحف الأثرية التي تقوم التنظيمات الإرهابية بسرقتها، وليس أدلّ على ذلك ـ كما أشارت الصحف الغربية نفسها ـ من تدمير قصر «هرقلة» في الرقة العائد في تاريخه إلى سنة 2700 قبل الميلاد، ما يعدّ أكبر تهديد للأعمال الفنية والأثرية منذ الحرب العالمية الثانية.. وسرقة الآثار تعد فعلياً ثاني مصدر من مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية بعد سرقة النفط.

وبعد هذا القرار المهم الذي تمخض عن المشروع الروسي المقدّم إلى مجلس الأمن تطرح عدة تساؤلات أيضاً، منها مثلاً: هل قارب الحلم الأمريكي في الهيمنة والسيطرة على الانتهاء؟ وإذا كنا نفكر في ماهية الأمر بتلك البساطة الواصلة إلى حدّ السذاجة، نقول: إن الأمور تأخذ شكل المدّ والجزر، ولاسيما ما يتعلق منها بمشروع تقسيم المنطقة وتفتيتها الذي أجهضه صمود سورية ومقاومتها لمخططات الجبهات المتفرقة, سواء منها الجنوبية بمثلثها الحدودي، أم الشمالية بامتداد الخرائط التي وزعتها «إسرائيل» مؤخراً والتي تضع فيها «الحدود الداعشية» التي وجدت ضالتها في التمويل السعودي وتحالف السعودية وشقيقاتها من دول الخليج مع «إسرائيل» التي لم يعد تعاون السعودية وبقية دول الخليج معها يقتصر على المجال الاستخباراتي العسكري فقط, وإنما امتد ليشمل تنسيق المواقف السياسية من مجمل الأزمات المفتعلة في المنطقة.

ولعل خطة الاستراتيجيات المسمّاة «رقصة الكنجاور» الجديدة في إقليم السويس التي تعدّ أشبه بخطة تحرّك توصيات مبنية على وثائق جرى البحث فيها من عام 2005.. وثائق تعنى بوجود عدد من الخطط ـ كما تشير فكرة الرقصة ـ المترادفة لتحقيق هدف ما، مع مرونة الانتقال من هذه الخطط, بما يعني أن البدائل ـ أي السيناريوهات البديلة ـ المتعددة التي طرحتها هذه الوثائق ستسعى الأجهزة الأمريكية إلى تنفيذها عبر طرق متعددة وخطوات غير منهجية.

وإذا استوقفتنا عبارة «خطوات غير منهجية» هنا، فإننا نلحظ أهمية موضوع الأمن البحري في ملحق البحث المقدّم من مركز دراسات استخبارات البحرية الأمريكية CIMSEC في شهر شباط 2014 الذي يتحدث عن ضرورة التدخل الأمريكي للسيطرة على قناة السويس خلال أربع سنوات كحدّ أقصى، مع مضمون خطة تُفصّل للمشروع الإسرائيلي لإنشاء سكك حديد بين إيلات وأشدود للقضاء على فاعلية قناة السويس, فقط لمصلحة «إسرائيل» وأمنها البحري مع حليفاتها, ولاسيما إذا عرفنا أن الغاية الأمريكية هي فصل إقليم السويس الذي يشمل القناة وأجزاء من الإسماعيلية والسويس إلى جانب سيناء عن جسد الدولة المصرية, وإضفاء صبغة الطابع الخاص دولياً عليها- كما يبين التقرير- لتأمين المرور السلس لكل شيء, ولاسيما الحربي منه ما يحقّق حلم «إسرائيل» الأكبر في التسيّد والسيطرة على المنطقة، بعدما بدأت بنشر الفوضى والتدمير والقتل بيد «داعش» وليد أميركا وغيره من التنظيمات الإرهابية مدعومةً من أدواتها وعملائها في المنطقة.

إذاً, الخطوات غير المنهجية, هي تلك الخطوات الآتية بعد أن أفشل الصمود السوري بثالوثه الجيش والشعب والقائد، أهمّ الاستراتيجيات والسيناريوهات التي تحدّت بذكائها العالم، ولكنها لم ولن تمرّ على بلد هو الأقدم والأكثر عراقةً: سورية المقاومة والصمود.

في إضاءات الصمود تكمن التفاصيل وظهور المخططات القادمة للمنطقة إلى العلن, وما على الشعب العربي إلا الوعي والتنبّه إلى «رقصة الكنجاور» القديمة ـ الجديدة, بطرائق تنفيذها المتبدّلة.. والسؤال الكبير: لماذا تدعم السعودية مصر، على رهان تنفيذ «الكنجاور» الراقص؟!

بقلم: رغداء مارديني