إدارة بايدن.. الفشل يتراكم واستراتيجية دعم الإرهاب ثابتة- بقلم: ناصر منذر

في ظل مسرحيات الاستجواب التي يوجهها المشرعون الأميركيون في مجلسي الشيوخ والنواب لأركان إدارة بايدن على خلفية الانسحاب المذل من أفغانستان، لا يجد المسؤولون الأميركيون أي تبرير منطقي سوى التذرع بمزاعم كاذبة بأنه تم تحقيق الأهداف الأميركية من وراء غزو هذا البلد، وأن أفغانستان لم تعد تمثل أي تهديد للولايات المتحدة، أو بإلقاء اللوم على إدارة ترامب السابقة بسبب الاتفاق الذي عقدته مع حركة طالبان من دون وجود أي خطة واضحة للانسحاب، والأدهى من كل ذلك بات أولئك المسؤولون يروجون لدول أخرى باتت تعد أكثر تهديداً للأمن الأميركي من أفغانستان، وسورية من بينها، بسبب وجود إرهابيي داعش في تلك الدول.

بايدن كان قد مهد لتسويق تلك الادعاءات عندما اعتبر أن الخطر الأكبر على بلاده يأتي من إرهابيي “داعش والقاعدة” في سورية، ليكرر وزير خارجيته بلينكن تلك الادعاءات فيما بعد، ويضيف إليها العراق وليبيا، واليوم تعتبر مديرة وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية أفريل هاينز أن سورية والعراق واليمن والصومال تمثل خطراً أكبر مما يأتي من أفغانستان، ومن دون أدنى شك فإن وجود إرهابيي “داعش والقاعدة” في سورية، وباقي الدول المذكورة يشكل خطراً داهماً على دول العالم بأسره، ولكن ليس على الولايات المتحدة، لأنهم صنيعتها، وهي من تصدرهم إلى أي دولة تريد أن تعبث بأمنها واستقرارها لتحقيق مصالحها الاستعمارية.

قبل أيام قليلة استهدفت طائرات حربية تابعة للاحتلال الأميركية مقرات عراقية تقوم بتأمين الشريط الحدودي السوري العراقي من التنظيمات الإرهابية، وهي المرة الثالثة في عهد بايدن التي يتم فيها الاعتداء على مواقع في المنطقة الحدودية السورية العراقية، بهدف حماية إرهابيي داعش الذين تدعي الإدارة أميركية أنهم يشكلون خطراً على أمنها، فهل يستقيم ادعاء تلك الإدارة إذا، مع محاولاتها الحثيثة لإعادة هيكلتهم وترميم صفوفهم لتثبيت تموضعهم على طول الحدود السورية العراقية؟، فواضح أن تبريرات إدارة بايدن للهزيمة في أفغانستان تجافي الواقع والحقيقة، والإشارة إلى سورية والعراق في سياق تلك التبريرات الواهية، إنما تدل على أن الإستراتيجية الأميركية العدوانية تجاه هذين البلدين ستبقى متجذرة داخل البيت الأبيض طالما بقي الفشل ملازماً لسياساته الخارجية، ولو كان “داعش” يشكل بالفعل خطراً حقيقياً على الأمن الأميركي، لما حاربت الولايات المتحدة الجيش العربي السوري لأنه يكافح “داعش والقاعدة والنصرة”، وما كانت لتشن اعتداءاتها الغاشمة على مواقع الجيشين السوري والعراقي وقواتهما الرديفة في الميدان، والمنطق يقتضي بهذه الحالة مد يد المساعدة لهذين الجيشين بدل محاربتهما.

واضح أن تداعيات الهزيمة بأفغانستان، أفقدت أمريكا ما تبقى من هيبتها العسكرية، وأحدثت إرباكاً للسياسة الأميركية، وانقسامات وصلت لحد المطالبة بعزل بايدن، ومطالبة بلينكن بالاستقالة، ومطالبة وزير الحرب لويد أوستن للمثول أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لاستجوابه، وهذا ما يدفع المسؤولين الأميركيين للهروب إلى الأمام، وتكرار كذبة محاربة داعش في سورية والعراق لاستمرار نهج الاحتلال والعدوان بحق هذين البلدين، متجاهلين أنهم لم يتركوا أفغانستان إلا بعد ضمانهم بأن تبقى بؤرة دولية تجمع جميع التنظيمات الإرهابية التي صنعتها الولايات المتحدة، لاستخدام تلك التنظيمات عندما تقتضي مصلحتها ذلك، ويكفي أنهم تعمدوا ترك كم كبير من الأسلحة المتطورة بأيدي “طالبان” لتصبح أكثر المجموعات الإرهابية تسلحاً في العالم بفضل الولايات المتحدة، على حد وصف أحد المشرعين الأميركيين.

انظر ايضاً

36 نائباً أمريكياً يطالبون بايدن بوقف عمليات نقل الأسلحة لـ “إسرائيل”

واشنطن-سانا دعا 36 نائباً أمريكياً من الحزب الديمقراطي بينهم عضو مجلس النواب الأمريكي ورئيسته السابقة …