دمشق-سانا
تتآلف القصيدة عند الشاعر محمد عبد القادر حجازي مع الشعر الحديث فهو يكتبها بانفعال صادق وإحساس شفاف ويجمع من خلالها بين الأصالة والمعاصرة ليعبر عن هموم المجتمع ويعكس ثقافته وارتباطها بالموروث.
الشاعر حجازي يوضح خلال حديث مع سانا الثقافية سبب ميله للشعر الحديث قائلاً “لابد أن نتفق على أن الحداثة طالت كل أشكال الحياة بما فيها الشعر ولذلك ينبغي أن نتقبل الدراسات النقدية التي تعترف بمشروعية الشعر الحر أو المطلق منذ نصف قرن ومنهم من يسميه الشعر النثري وقصيدة النثر أطلقت الدفقات الشعورية بمنتهى الحرية دون عائق ودون وزن أو الحاجة إلى استبدال مفردات”.
والقصيدة النثرية كما يراها حجازي تختزل بمضامينها أفكاراً وجودية شتى وتعبر عن القلق النفسي وتداعياته وتعمل ضمن هذا الاختزال على انزياح لغوي مبهر ومدهش يخلق جواً ضبابياً يوحي بجمال ما وراء الستار دون الكشف المباشر عنه.
ويؤمن مؤلف مجموعة وجعان لقلب واحد بأن القصيدة هي دفقة شعورية هامسة تكون أقرب إلى الروح منها من تلك الخطابية التي قد يكون تأثيرها مؤقتاً مرهون بمدة إلقائها.
ورغم أن الأذن العربية مفطورة على الموسيقا والوزن والإيقاع وفقاً لحجازي لكنه يرى أن الشعر النثري صار أكثر جماهيرية حيث امتطى ظهره الكثير من الهواة الذين هربوا من الوزن دون أن يقدموا شيئاً جميلاً فيما يكتبون من نثر.
حجازي الذي تسلم إدارة الكتب الوطنية في حلب في أقسى سنوات الحرب على سورية والعدوان الإرهابي على مدينة حلب يعود بذاكرته إلى تلك الأعوام واصفاً إياها بالصعبة جداً لاسيما وأن الدار تقع في منطقة كانت مستهدفة مشيراً إلى أن عشقه للمكان وحبه لعمله جعله يتجاوز كل تلك المخاطر.
ويقول حجازي “كان قلبي يبقى في المكتبة عندما أعود للمنزل ولم يكن فيها أحد سواي مع الحارس المقيم فكانت كمن ترك ولده في الصحراء فلا يكاد ينفك الليل حتى أسارع للوصول إلى هناك رغم الخطر”.
وأوضح حجازي إن المكتبة الوطنية التي تأسست عام 1937 صرح عريق احتضنت واستضافت العديد من الأعلام والأنشطة الكبيرة منهم الشاعر عمر أبو ريشة والأديب خير الدين الأسدي فضلاً عما فيها من آلاف الكتب والمخطوطات.
وعما إذا كان العمل الإداري يشغل الأديب عن نتاجه يرى حجازي أن العمل في هذا القطاع يختلف عنه في جهات أخرى الذي قد يكون وظيفياً معتبراً أن الجمع بين العمل الإداري والإبداع الأدبي يساعد على الاقتراب أكثر من هموم الأدباء واحتياجاتهم وقد يغني العمل الإداري في الثقافة إبداع الفرد العامل به.
وحول رؤيته لواقع أبي الفنون في الشهباء يجد حجازي الذي يعمل مديراً للمسرح القومي في حلب أن هذه المدينة عاصمة الفنون جميعها والمسرح هو الأكثر نفاداً إلى الجماهير والمسرح القومي يحمل لواء تنظيم هذا الفن ولابد لنا من ردم الهوة بين جيل تعلم فنون الخشبة وتتدرج بها وبين جيل يهوى المسرح لكنه ضعيف تكتيكياً.
ويحتاج النهوض بواقع أبي الفنون في حلب وفقاً لرؤية حجازي إطلاق دورات إعداد ممثل ومخرج وتنظيم مسابقات نصوص أدبية خاصة بالشباب ووضع معايير لتقييم هذه الخطوات مع عقد جلسات تذوق مسرحي تحوي مشاهدات وتحليلاً منطقياً ومبسطاً للعمل تساعد المتلقي على نقد النص وانتهاء بالديكور والحركة والإضاءة والسينوغرافيا ومدى خدمة هذه التقنيات للعمل.
ولفت حجازي إلى أن استخدام التقنيات الحديثة في العمل المسرحي من شأنه أن يوفر كثيراً من مستلزمات واكسسوارات وخشبيات وديكورات لصالح العرض كما لابد من تلاقح الفكر المسرحي عبر العروض الزائرة.
وختم حجازي حديثه بالقول “إننا في صدد تفعيل المسرح القومي والتركيز على المضمون الوطني والاجتماعي والإنساني لنوثق لصمود مدينة حلب بوجه الحرب لتعود كما كانت منبعاً للثقافة ولمبدعيها”.
يذكر أن محمد حجازي يحمل إجازة في اللغة العربية من جامعة حلب له مؤلفات شعرية وشارك في العديد من المحاضرات والندوات النقدية والأمسيات الأدبية.
محمد خالد الخضر