دمشق-سانا
يستبشر السوريون هذا العام كما الأعوام السابقة بمواسم الخير التي تتلون هذه الأيام بألوان المشمش الذي فاح عبير رائحته بأرجاء غوطة دمشق وملأ بساتينها بضحكات الفلاحين وعائلاتهم عند تلاقيهم منذ ساعات الفجر الأولى لبدء رحلة قطاف ثماره الناضجة بهمة ونشاط عاليين يعبران عن فرحتهم ورضاهم عن الموسم الوفير.
وعلى الطريق المؤدي لمطار دمشق الدولي في بلدة شبعا تتمايل أغصان الأشجار التي انتهى عناقها للتو مع أيدي الفلاحين الذين قاموا بتعبئة الصناديق بحبات المشمش إما لإرسالها لبيعها في السوق مباشرة أو صناعة “مربى المشمش” لاستخدامها في إنتاج قمر الدين تلك الصناعة التي تفرد بها أهل الشام منذ مئات السنين وفق ما يقوله فلاح خمسيني من أهالي البلدة مبيناً أنه يعمل في هذه الأرض منذ أن كان صغيراً ولم يغادرها يوماً حتى حين حاول الإرهابيون ترهيب الناس وتخريب بساتينهم ومزارعهم لأنه مؤمن بأن تمسك الفلاحين بأرضهم وأرزاقهم أسهم بكسر شوكة الإرهاب وإعادة المنطقة آمنة مستقرة كما كانت دائماً.
أما ابتسامة إحدى الصبايا التي تعمل مع عائلتها في قطاف حبات المشمش فكانت كافية لتعبر عن سعادتها وفرحهم جميعاً بالتجمع لجني إنتاج الموسم مبينة أن هذه الأيام لها سحر مختلف ورونق خاص لأنها باتت تمثل أحد الطقوس العائلية المميزة التي تتكرر كل عام في شهر حزيران عدا أن الموسم وفير في هذا العام ما يلبي طموح العائلة بتحصيل مبلغ مادي جيد يمكنها من إقامة أحد المشاريع الصغيرة الذي ستعمل به الأسرة باقي أيام السنة وفق تعبيرها.
وكعادة الأمهات تنهمك أم بسام في مراوغة الأولاد الصغار لإجبارهم على تناول وجبة الإفطار في الحقل بعد أن فضلوا اللعب بجانب والديهم وأخوتهم الكبار على مشاركتهم طعام الإفطار وتقول: إن “الموسم يبشر بالخير هذا العام، تمر علينا مواسم جيدة وتخف في بعض السنوات لكننا فرحون اليوم بهذه الثمار التي تصل إلى كل الأسواق ويقول عنها الناس أنها لذيذة وطيبة المذاق” مضيفة: إنها تقوم بصناعة كميات كبيرة من مربى المشمش لتبيع قسماً منها وتهدي القسم الآخر للأقارب في المناطق الأخرى التي لا تنتج المشمش.
وتشتهر سورية بزراعة المشمش نظراً لملاءمة الظروف المناخية والبيئية له ولكون هذه الثمار ذات مردود اقتصادي جيد على الفلاح وتحتل محافظة ريف دمشق المرتبة الأولى من حيث مساحة زراعتها وعدد الأشجار المنتجة.
وتدخل ثمار المشمش في العديد من الصناعات الغذائية مثل “قمر الدين والمربى والشراب” وتحتوي على كمية كبيرة من المعادن والفيتامينات فهي ذات فائدة غذائية وطبية في آن معاً كما يستفاد من بذورها في الحصول على زيت يدخل في صناعة الكريمات والمواد الطبية والصيدلانية.
بلال خازم-نور يوسف