أمريكا في عدوان مستمر على العالم

  هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تتخلص من مديونيتها التي فاقت 16 ألف مليار دولار؟ سؤال بدأ يطرحه العسكريون والسياسيون قبل الاقتصاديين، ذلك لأن الولايات المتحدة صعّدت مغامراتها العسكرية حول العالم لتستنزف ما تبقى من خيرات الشعوب، وفتح أسواق جديدة لتصدير السلاح الذي يتحارب فيه الأشقاء والأصدقاء قبل التحارب مع الأعداء.. لكن هذه السياسة الخرقاء لم تجدِ نفعاً في تخفيض حجم المديونية الأمريكية، بل على العكس تماماً فهي في تزايد مستمر منذ أحداث الحادي عشر من أيلول والغزو لأفغانستان والعراق، وتفاقم مع اندلاع النار في الهشيم العربي، ولم يعد لدى شعوب العالم ما يسد رمق أبنائها، وفرغت الخزائن حتى في الدول النفطية التي باتت براميل النفط فيها تباع بأسعار تقل عن أسعار براميل المياه.

وأعتقد أن هذا المآل هو الذي سيزيد سياسة الجنون والتهور والاندفاع باتجاه الهاوية تلك السياسة التي أشار إليها مستشار الرئيس الروسي لمسائل التكامل الاقتصادي الإقليمي، ورئيسة لجنة الدوما لشؤون الأمن ومكافحة الفساد، ووصفها السياسة الأمريكية بأنها سياسة المعايير المزدوجة والرياء إلى جانب الشهادة بالزور، وأن أمريكا تقوم عملياً بعدوان على العالم برمته وبشكل خاص ليبيا ومصر ويوغسلافيا وأوكرانيا.

لقد بات مئات الملايين من البشر ضحايا لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية المتهورة، وبات سكان الأرض، أو النسبة العظمى منهم لا يعانون من الفقر فقط وإنما من الأوضاع الأمنية المتردية، ومن التشرد ومن ويلات الإرهاب الذي ينتعش تحت أجنحة السياسات الأمريكية، وتنوعت أساليب إجرامه واتسعت رقعة انتشاره حتى وصل إلى الدول التي درّبته ودعمته وصدّرته وأمّنت الغطاء السياسي له وسوّقته على أنه لهيب لـ «الثورات الديمقراطية» مع أنه لم يخلّف سوى مفهوم قذر لديمقراطية اقتصرت على بشاعة أساليب القتل عند «القاعدة» و«النصرة» و«داعش» و«أنصار الشريعة» و«بوكو حرام» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي باتت تهدد الإنسانية جمعاء.

و للأسف الشديد لا تزال الإدارة الأمريكية وبعض أذنابها يسيرون على الوتيرة ذاتها من الإجرام، إذ تم الإعلان عن المئات من الجنود الأمريكيين مؤخراً لتدريب ما سموها «المعارضة المعتدلة السورية» في خرق واضح لميثاق الأمم المتحدة ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.. وهذا ما يؤكد أن أمريكا لا تزال الراعية الأهم وأنها تخوض حرباً ضد الإنسانية جمعاء، وأن ردعها دولياً يجب أن يكون في مقدمة أولويات الدول وإلا فإن البشرية ستشهد المزيد من كوارث سياسات أمريكا الحمقاء.

محي الدين المحمد