اللاذقية-سانا
تحاول مسرحية سندباد التي عرضت على خشبة المسرح القومي في اللاذقية ضمن فعاليات مهرجان مسرح الطفل أن تقارب مسألة الأزمة في سورية بحيث يتمكن الأطفال الصغار من فهم ما يجري حولهم بطريقة تبعدهم عن التضليل وتنقل لهم صورة واقعية قريبة من أذهانهم لترسخ لديهم مفاهيم وطنية تؤكد على التمسك بوحدة الوطن وتضافر أبنائه لمواجهة أي عدوان خارجي.
وتدور أحداث المسرحية في بلد الياسمين الذي يرمز إلى سورية حيث يتعرض في عيد الياسمين حين يستعد جميع سكانه للاحتفال به لهجمة شرسة من الغرباء للسيطرة على خيراته الوفيرة ليحتدم الصراع على أرض الياسمين بين أهلها والمعتدين لتكون ذروة المسرحية مع دخول الحكيم الذي يجسد الأرض أو الضمير ويقترح على الطرفين رسم بلد الياسمين كما يرونه مستقبلا فيرسمه الطرف المعتدي مدمرا يعمه الخراب والسواد أما سكانها فيرسمونه موحدا محاطا بالياسمين مكللا بعلم الجمهورية العربية السورية .
يقول مخرج المسرحية ومؤلفها نضال عديرة إن التركيز على إظهار رمزية العلم السوري وخريطة سورية الموحدة التي يدافع عنها جيشها وأبناؤها هدف أساسي من أهداف المسرحية منوها بأن استعارة شخصية السندباد في العمل لها دلالة على علاقة العرب مع بعضهم البعض فهو شخصية قادمة من بغداد ومحبوبة من الأطفال ما يساعدها على التوجه للطفل بطريقة سليمة توصل له رسالة المسرحية القائمة على الحب وتكاتف الاخوة وتعاضدهم لطرد الغرباء والحفاظ على الأرض.
ويتابع عديرة من المهم أن نطوع المسرح لشرح حيثيات الأزمة للأطفال فالهجمة التي تتعرض لها سورية تتطلب عمل وجهد معظم المؤسسات بما فيها المؤسسة الثقافية متجسدة بالمسرح فكان “مهرجان مسرح الطفل فرصة لنفي الفكرة التي تسوق بأن السوريين يقتلون بعضهم” ويحاولون تقسيم أرضهم وإبعادها عن أذهان الأطفال المنفتحين على مختلف وسائل التواصل فكان عرض سندباد فرصة للتعاطي المباشر مع الطفل لإيضاح ما يحصل حوله .
وجاء العمل متكاملا بشكل عام من حيث النص والديكور وأداء الممثلين الذين ينتمي اغلبهم لفرقة أليسار المسرحية فقدموا أفضل ما لديهم أمام الأطفال الذين تفاعلوا معهم كما لابد من الإشارة إلى دور الموسيقا في إنجاح العمل حيث تم تأليف أغان ومقطوعات خاصة بالمسرحية للملحن احمد قشقارة.
ولفت عديره إلى أن المسرحية عرضت سابقا في عدد من الاحتفاليات المدرسية لكنه ارتأى تطويرها وإضافة شخصية الفتاة التي تريد شراء لعبة في العيد لكنها لا تملك ثمنها فتقدم لها مجانا في إشارة لتعميم مفهوم التكافل الاجتماعي كقيمة اجتماعية وأخلاقية عليا يجب أن ينتبه لها الطفل .
الممثل محمد علو الذي لعب دور الشرير الذي أتى ليحتل بلد الياسمين بالقوة أشار إلى أن قوة الدور تكمن في أفكار الشر التي يجسدها والتي يعادلها الخير في الجهة المقابلة وهنا تتاح الفرصة أمام الطفل لتحكيم عقله ودفعه للاختيار الصحيح موضحا أنه يتوجب عليه تسخير جميع طاقاته الجسدية والصوتية والحركية لتصل إلى الطفل بأسلوب سليم فالتعامل المباشر مع الأطفال من خلال المسرح حساس جدا ويتطلب دقة متناهية.
بدورها تحدثت الممثلة هزار تركماني عن دور فلة الذي تلعبه في المسرحية وهي شخصية لطيفة قريبة من الأطفال تحاول قدر الإمكان الاقتراب من براءتهم ولاسيما أن المطلوب إيصال أفكار عميقة تؤكد على حب الوطن والدفاع عنه لكن بأسلوب سهل وبسيط جدا يناسب فهم الأطفال بمختلف أعمارهم .
أما يقين زنيبة مجسد شخصية السندباد لفت إلى أنها المرة الأولى التي يصعد بها على خشبة المسرح ما يحمله مزيدا من المسؤولية فالدور يتطلب حركات جسدية مبالغ بها بصريا لتصل بوضوح للطفل وتشد انتباهه حتى نهاية العرض .
أما بخصوص الألوان والأزياء المختارة فتحدثت جنان ابراهيم مسؤولة تصميم الأزياء والمكياج عن تركيزها على الألوان المتناقضة والزاهية للفت نظر الطفل قدر الإمكان مع سعيها لربط كل شخصية بلون معين يرسخ في ذهن الطفل كالأسود الدال على الشر والأبيض المرتبط بالنقاء وبهذا يتفاعل الاطفال مع الشخصية ولاسيما الأعمار الصغيرة منهم التي تتأثر أكثر من غيرها بالألوان والإبهار البصري .
يذكر أن مهرجان مسرح الطفل الذي أقامه مسرح الطفل والعرائس بالتعاون مع مديرية المسارح والموسيقا بوزارة الثقافة في عدد من المحافظات في 18 الشهر الجاري يختتم فعالياته اليوم .
ياسمين كروم