الشريط الإخباري

نبوءة سامر عمران تعيد مسرح الحكواتي إلى واجهة العروض السورية

دمشق-سانا

ذهب الفنان سامر عمران في عرضه الجديد “نبوءة” إلى مسرح الحكواتي في خيار فني جريء ولافت تجلى على عدة مستويات من التلقي كان أبرزها الدمج بين فن المونودراما وطقسية مسرحية استقاها من أجواء ومناخات تراثية وشعبية سورية وذلك بالتعاون بينه وبين الفنانة ربى الحلبي التي قدمت بدورها أداء استثنائيا على هذا الصعيد مستعينة بقدرة صوتية تبدت في أدائها كممثلة مزجت بدورها بين التمثيل والغناء والترتيل.

العرض الذي افتتح عروضه أمس الأول في مقهى الشام القديمة استطاع مخرجه وكاتبه الفنان سامر عمران الإطلالة على الأزمة السورية من خلال التناص الذي أقامه بحرفية بين مسرحية “ملحمة السراب” للراحل سعد الله ونوس وبين لقاءات أجراها عمران مع أطفال سوريين مهجرين في كل من دمشق وحمص وطرطوس وطرابلس معشقا نص الممثل الواحد هنا بنصوص الرثاء لمدينة اور البابلية ومسرحية العصفورة للكاتب المصري الراحل محمد تيمور حيث تبدت قوة هذه النصوص والشهادات من خلال خبرة المخرج وقدرته على التوليف بين عدة اصوات في النص الواحد الذي أدته الفنانة ربى الحلبي بحساسية عالية.

ونجح نبوءة الذي يقدم اليوم آخر عروضه في البلدة القديمة قبل أن يبدأ جولته في المدن السورية في ملامسة جمهوره من خلال توظيف عبقرية المكان الشامي للمقهى القديم الذي كان فيما مضى أحد حمامات دمشق العريقة الواقعة في دهليز الحارة الدمشقية معتمدا في ذلك على توضيب مكان العرض والأزياء التي صممها فنان الديكور نزار بلال جنبا إلى جنب مع الفنان أوس رستم الذي قام بدوره بالإعداد التقني للمسرحية التي نهلت من معين فني خصب موظفة فضاء الحمام الدمشقي لصالح فرجة مسرحية عالية المستوى تضافرت مع مقطوعات موسيقية وغنائية قام بعزفها على العود مخرج العرض ومؤلفه.

المخرج سامر عمران قال في حديث خاص لـ سانا الثقافية إن هذه التجربة تاتي من إيماني العميق بقدرة المسرح على معالجة آلام الإنسان والأخذ بيده بعيدا عن فجاجة الواقع وسوداويته حيث عملت مع الممثلة ربى الحلبي على نبوءات متعددة بدات مع ما قالته زرقاء اليمامة على لسان شخصية مريم في ملحمة السراب وفي توليف صوتي مع ترنيمة “الأم الحزينة” على لسان السيدة العذراء تلك الأم السورية المنبعثة دائما من رمادها والحاضنة {بناءها في كل الظروف الصعبة.

وأضاف صاحب المهاجران إن عرض نبوءة اعتمد على الطقسية بغية الاستفادة من التراث العميق لسورية التي كانت دائما تحتفظ ببذرة الحضارة معيدة بناء حضارتها بعد كل حرب همجية تتعرض لها على أيدي الغزاة والطامعين ولذلك ياتي مونولوج بطلة العرض ليؤكد على جدارة الحياة التي يتمتع بها الإنسان السوري وموهبته الأصلية في النهوض من قلب الخراب والدمار كفينيق ستزلزل قيامته الآتية عروش كل الظلاميين ومن دعمهم لتدمير وطننا وتشريد أهلنا من بيوتهم وأراضيهم وحقولهم ومعاملهم ومسارحهم.

وقال عمران إن مسرح الحكواتي كان دائما لإيصال رسائل سياسية واجتماعية وتعليمية وهذه الرسائل استقاها هذا النوع من المسرح من خيم الظل والحكواتية التي لطالما كانت دمشق عاصمة فنانيها ورواتها ولكن هنا آثرت أن تكون الحكاية على لسان امرأة لا رجل مبتعدا عن الأجواء السياحية التي غالبا ما ترافق سير عنترة والزير سالم وأبي زيد الهلالي نحو سيرة شعبية تنهل من ألم الإنسان السوري وتطلعه الدائم للحياة والعيش الكريم.

واتكا العرض الذي امتد على طول خمسين دقيقة من الزمن على عناصر إضاءة وديكور ومؤثرات من جنس المكان الذي تقدم فيه مسرحية “نبوءة” فاستخدمت الشموع والجمر للإضاءة وجرار الماء الساخن والجرن لتصنيع طقسية لافتة مبتعدا عن مفهوم العفش المسرحي الثقيل وما يتعلق بمفهوم مسرح العلبة الايطالية أو مسرح الإطار نحو أماكن العرض الأصلية كما يسميها مخرج وكاتب “نبوءة” مستبعدا أن تكون هذه الأماكن هي أماكن بديلة للعروض المسرحية كما يسميها البعض.

يذكر أن عرض “نبوءة” من إنتاج الأمانة السورية للتنمية “عين للفنون” وشارك في أداء الجوقة كل من جيان موسى-باسل جبلي-ياسر الجوابرة-زينب الحكيم-عامر الخطيب-وصمم البروشور والبوستر لجين صالح.

سامر اسماعيل