فيسك: السعودية ستشهد ثورة من داخل الأسرة الحاكمة.. هيرست: انقلاب داخل القصر

لندن-واشنطن-سانا

رجح الكاتب البريطاني روبرت فيسك أن تشهد السعودية ثورة جامحة لن تأتي من خارج البلاد أو من التنظيمات الوهابية المسلحة بل من داخل الأسرة الملكية الحاكمة.

وفي سياق تعليق نشرته صحيفة الاندبندنت البريطانية حول وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز وتنصيب سلمان بن عبد العزيز ملكا من بعده لفت فيسك إلى أن الثورة التي تهدد النظام في السعودية لن تأتي من أي أطراف أخرى من داخل البلاد أو خارجها ولا من الجماعات الوهابية المسلحة فيها بل من داخل العائلة الحاكمة متسائلا إلى أي مدى ستبقى عائلة آل سعود صامدة في وجه الخلافات التي تعصف بين أفرادها وفي ظل تسابق الأبناء على عرش المملكة.

وتتزايد يوما بعد يوم التكهنات حول مستقبل عائلة آل سعود واستمرار حكمها للسعودية في ظل المعلومات حول تصاعد الخلافات بين أفرادها والتوقعات بانقسام العائلة الحاكمة بعد وفاة الملك عبد الله حيث يشير مراقبون إلى أن السعودية تعاني أزمة داخلية وسط سباق محموم على كرسي الحكم الذي أحدث اضطرابات غير مسبوقة شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة ونزاعات بين الأشقاء حول أسبقية الوصول إلى العرش.

وأشار فيسك إلى تملق الحكومات الغربية لحكام آل سعود على مر العقود بدافع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية والمؤامرات المشتركة واصفا الحكام الغربيين الذين يتملقون هؤلاء المستبدين بمثيري الشفقة وخاصة أمام العرب الذين يدركون أصول السعودية الوهابية المتطرفة.

واعتبر فيسك أن وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للملك عبد الله بالشجاعة والالتزام بالسلام يثير السخرية قائلا إن هذا كله كان يتم بالتوازي مع إعدام عشرات الأشخاص كل سنة في فترة حكمه بعد محاكمات لا تطابق أي معيار للعدالة.

ولفت فيسك إلى الحادثة التي جرى فيها سحل امرأة من ميانمار في شوارع مكة هذا الشهر وهي تصرخ بأنها بريئة من جريمة قتل ابن زوجها إلا أنه تم قطع رأسها على يد مسؤولي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متسائلا ما إذا كانت هذه الحادثة تمثل الالتزام بالسلام والتفاهم بين الأديان.

ومع اتضاح العلاقة الوثيقة التي تربط بين تنظيم داعش الإرهابي وسلطات آل سعود التي تروج للفكر الوهابي الظلامي كان فيسك سلط في مقال نشر الشهر الجاري الضوء على تاريخ الحركة الوهابية وما شمله من عنف وانتهاكات تماثل في وحشيتها ما يقوم به تنظيم داعش الإرهابي حاليا من مجازر وعمليات ذبح وقطع رؤوس وتعذيب وأن تاريخ العائلة الحاكمة في السعودية مملوء بالنفاق والممارسات الوحشية التي اختار الغرب التغاضي عنها وتجاهلها عن عمد للحفاظ على مصالحه التجارية والاقتصادية مع مملكة الظلام الخليجية.

ديفيد هيرست: انقلاب داخل القصر الملكي السعودي

من جانبه أكد الكاتب البريطاني ديفيد هيرست أنه خلال الـ12 ساعة الأخيرة تم تمرير كل شيء بسرعة بعد وفاة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مشيرا إلى أنه في تلك الفترة الوجيزة نجح “السديريون” العشيرة الغنية والقوية سياسيا داخل بيت آل سعود والذين همشوا أثناء حكم الملك الراحل بالعودة بقوة مرة أخرى إلى الصدارة.. لقد قاموا بانقلاب في القصر.

وأضاف هيرست في مقال له بصحيفة هافينجتون بوست الأمريكية اليوم: “قام الملك سلمان بسرعة لإفساد عمل أخيه غير الشقيق الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وقررعدم تغيير الأمير مقرن كولى للعهد والذي تم اختياره من قبل الملك عبد الله حيث فضل التعامل معه في وقت لاحق.. ومع ذلك فقد أسرع بتعيين قيادي آخر من عشيرة السديريين محمد بن نايف وزير الداخلية نائبا لولى العهد.. وليس سرا أن عبد الله كان يريد ابنه متعب لهذا المنصب ولكنه الآن خارج السياق”.

وأوضح هيرست أن “الأهم من ذلك أن الملك الجديد سلمان وهو نفسه من السديريين حاول تأمين الجيل الثاني لحكمه من خلال إعطاء ابنه محمد البالغ من العمر 35 سنة منصب وزارة الدفاع بجانب منصب أمين عام الديوان الملكي كل هذه التغييرات تم الإعلان عنها قبل دفن الملك عبد الله”.

وأشار الكاتب البريطاني إلى أن منصب السكرتير الخاص ومدير الديوان الملكي في عهد الملك الراحل عبد الله كان حكرا على خالد التويجري وكانت تجارة مربحة تورث من الأب إلى الابن وقد بدأها عبد العزيز التويجري حيث أصبح التواجرة حراس الملك ولا تمكن مقابلة الملك دون إذنهم أو مشاركتهم أو معرفتهم لافتا إلى أن التويجري كان لاعبا رئيسيا في المؤامرات الخارجية لتخريب الثورة المصرية ولإرسال قوات لسحق الانتفاضة في البحرين ولتمويل تنظيم /داعش/ في المراحل الأولى من الحرب على سورية إلى جانب حليفه السابق الأمير بندر بن سلطان.

وتابع الكاتب البريطاني: “كان الارتباط بين التويجري وزملائه من /المحافظين الجدد/ في الخليج قويا.. لكنه الآن خارج اللعبة وله قائمة طويلة من العملاء الأجانب بدءا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذى فشل في حضور الجنازة يوم الجمعة.. فهل كان ذلك لمجرد سوء الأحوال الجوية”.

وفي سياق متصل اشار هيرست الى ان صحة الملك الجديد سلمان تدعو للقلق ولهذا السبب فإن السلطات التي أعطاها لابنه هي الأكثر أهمية من التعيينات الأخرى المعلنة ومن المعروف أن سلمان البالغ من العمر 79 عاما مريضا ويعزز ذلك زياراته الكثيرة للمستشفى وعدم تجوله كما كان يفعل في السابق.

وأضاف “لذلك فإن قدرته على توجيه دفة سياسات الدولة في بلد مركزية القرار فيه بيد الملك حيث لا توجد مؤسسات أو أحزاب سياسية أو حتى سياسة وطنية.. يعتبر الآن سؤالا مفتوحا.. لكن مؤشرا واحدا لتغيير الاتجاه لسياسات السعودية مؤخرا قد يكمن في محاولتين لإقامة روابط مع شخصيات من المعارضة المصرية.. حيث قيل لي إن كبار مستشاري سلمان قد اقتربوا من سياسي معارض ليبرالي مصري وعقدوا معه اجتماعا منفصلا مع محام ولا ينتميان لجماعة الإخوان ولكن لديهما اتصالات عمل مع الجماعة.. وأجروا محادثات في المملكة العربية السعودية خلال الشهرين الماضيين حول الكيفية التي يمكن أن تدار بها مصالحة مرتقبة مع الاخوان.. ولكن لم يتم الاتفاق على أي مبادرة”.

تلك المحادثات نفسها تعد مؤشرا على نهج أكثر واقعية أو أقل عدوانية من جانب سلمان ومستشاريه.. من الواضح أن هذه الاجتماعات كانت تحضيرية لمبادرة ممكنة من سلمان قد يعلن عنها عندما يتولى رأس السلطة للمصالحة مع الاخوان.

وأوضح هيرست أنه “حتى قبل تحركات السديريين للانقلاب في القصر كان الصراع على السلطة داخل بيت آل سعود واضحا.. ففي وقت مبكر من مساء الخميس الماضي غمرت الشائعات تويتر على شبكة الإنترنت والذي يعتبر المصدر الرئيسي للمعلومات السياسية في المملكة.. أن الملك قد مات واضطر القصر للتحرك عندما غرد اثنان من الأمراء بأن الملك قد مات فقطعت شبكة (ام بي سي) التلفزيونية بثها ووضعت القرآن على الشاشة كعلامة على الحداد في حين أبقى التلفزيون الوطني على البث العادي.. وهذا علامة على أن عشيرة معينة في العائلة المالكة قد أرادت انتشار الخبر بسرعة ولكن عشيرة أخرى في آل سعود كانت تريد المماطلة لمزيد من المفاوضات”.

وقال “من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الملك سلمان قادرا على تغيير المسار أم لا.. فما يمكن قوله الآن أن بعض الشخصيات الرئيسية المتورطة في نسج المؤامرات الخارجية الكارثية في اليمن وسورية ومصر هم خارج الدائرة والسلطة الآن حيث تم إبعاد التويجري وصار متعب نفوذه محدودا”.

انظر ايضاً

فيسك: ما تعرض له السكان في دوما يوم الهجوم الكيميائي المزعوم كان نقصا حادا في الأوكسجين

لندن-سانا أكد الكاتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك أن حملة الأكاذيب التي أثارتها عدد من الدول …